منذ أن كنت صغيراً وحتى عندما كبرت، حين كنت أسمع عن مصطلحات مثل النظام الغذائي الصحي والطبخ الصحي، كنت دائماً أشعر بالقلق وبشيء من الحرمان، لأنني كنت أتصور أن وجباتي المفضلة التي أحبها هي ما يسمونها بالأكل غير الصحي، ويجب أن أستبدله بآخر صحي والذي طعمه أقل شهية من طعم أكلي المفضل حسب اعتقادي في ذلك الوقت. لكن سرعان ما تغير ذلك الاعتقاد عندما فهمت أكثر عن أساسيات الطبخ الصحي.
يعد الغذاء مهماً جداً بالنسبة للإنسان، ليس فقط لسد حاجة الجوع والعطش، ولا لإمداده بالطاقة فحسب، بل لإكسابه القيمة الغذائية التي يحتاجها جسمه -بما يحتويه من خلايا، وأنسجة، وأعضاء، وسوائل، وهرمونات، وإنزيمات، وأملاح تمكنه من القيام بوظائفه الحيوية- فيجب عليه أن يتحرى ويدقق جيداً فيما يأكل. لذلك عليه أن ينتقي الغذاء الصحي دون غيره في وجباته، بأن يكون:
- بأعلى جودة ممكنة.
- بكميات معينة.
- بتنوع كبير بين الأصناف المختلفة.
- مطبوخاً طبقاً لأساسيات الطبخ الصحي.
ما هي أساسيات الطبخ الصحي؟
الطبخ عملية من خلالها يتحول الغذاء من صورة إلى صورة أخرى باستخدام الحرارة، من أجل القضاء على بعض البكتريا والطفيليات التي قد يحتويها، وأيضاً لتيسير هضم الطعام، وهناك بعض التعديلات التي يجب إدخالها على عملية الطبخ هذه، ليكون صحياً أكثر.
- حافظ على أن تكون نسبة الدهون قليلة: عليك أن تضع في اعتبارك أنه توجد دهون خفية في اللحوم، والأسماك، والمكسرات، والبذور، وبالتالي إذا أضفت الدهون إلى الغذاء عن طريق استعمال زيت للطعام فيجب أن تكون كميته قليلة وأن يكون من الدهون غير المشبعة.
ما هو أفضل زيت طبخ صحي؟

الزيوت النباتية أكثر صحية من الشحوم الحيوانية المحتوية على دهون مشبعة مضرة بصحة القلب. وأفضل هذه الزيوت زيت الزيتون المحتوي على مضادات الأكسدة، والذي يستعمل مع الأطعمة الباردة كالسلطات. ومع ذلك لا يفضل استعماله في القلي، لأن درجات الحرارة العالية تفقده مضادات الأكسدة الصحية، ويستبدل بزيوت أخرى صحية كزيت دوار الشمس في الطبخ والقلي.
وهناك بدائل أخرى مفيدة أيضاً وصحية ولغرض التنويع مثل: زيت الصويا، وزيت الفول السوداني، وزيت بذر الكتان، وزيت جوز الهند.
نصائح أخرى لتقليل الدهون
- يمكنك الاستغناء عن القلي واستبداله بأساليب أخرى للطبخ كالخَبز، والشواء، والسلق وسيأتي الحديث عن كل أسلوب.
ذلك لأن القلي يُستخدم فيه الزيوت بكثرة، وهذا يسبب زيادة في السعرات الحرارية المستهلكة ويسبب السمنة، ويؤثر على القلب، وأمراضاً أخرى كثيرة.
- اختر منتجات الألبان قليلة أو منزوعة الدسم بدلاً من المنتجات كاملة الدسم.
- أضف الصلصة إلى بعض الأطعمة مثل البطاطس المطبوخة، بدلاً من الزبدة أو الكريمة الحامضة (القشدة).
- عليك إزالة الجلد من الدجاج والأسماك، لاحتوائه عادة على كمية من الدهون.
- قلل نسبة الأملاح
يعد الملح أشهر مكون معزز للنكهة، لكن الدراسات أثبتت أن الطعام عالي الملح يسبب مشاكل صحية كثيرة مثل:
- احتباس المياه في الجسم.
- ارتفاع ضغط الدم؛ بسبب زيادة نسبة الصوديوم في الدم.
- العطش الشديد؛ نتيجة زيادة مستوى الصوديوم بالنسبة للماء.
- مرض الكلى المزمن؛ بسبب ارتفاع ضغط الدم نتيجة اعتياد أكل طعام ملحي لسنوات طويلة.
- هشاشة العظام؛ لأن كمية الكالسيوم -اللازمة لصحة العظم ونموه- يزداد إخراجها عن طريق الكلية في البول بزيادة نسبة الصوديوم المأكولة، فتقل أيونات الكالسيوم في الدم.
نصائح لتقليل نسبة الملح
- لا تضع الملح بطريقة تلقائية، تذوق الطعام أولاً.
- أضف عصارة ليمون أو خل عند اقتراب وقت انتهاء طبخ الخضروات، هذا يعزز النكهة بنفس طريقة الملح.
- تجنب اللحوم عالية الملوحة في طعامك مثل السالمون المدخن، واللحم المعلب، واللحم المقدد.
- بعض أنواع الجبن عالية الملح، لذا اختر الأنواع قليلة الملوحة.
- بالطبع تجنب الأطعمة المصنعة والمعالجة بكميات كبيرة من الصوديوم.
وبشكل عام يمكنك الاستعاضة عن الملح والدهون من أجل جعل الطعام شهياً وذا مذاق لذيذ. استخدام الأعشاب الطازجة والمجففة، والخضروات والفاكهة الجافة مثل الطماطم، والفلفل، والكرز، والتوت البري والزبيب، والفطر وغير ذلك مما يعطي نكهات جيدة.
الأساليب التي عادة لا تتطلب إضافة الدهون للطعام وهي:
- الخَبز: لا يتطلب منك أكثر من أن تضع الطعام في إناء مغطى أو غير مغطى فقط. ويمكنك استخدامه في خبز اللحوم الصافية، والدجاج، والمنتجات البحرية، والحلوى بالإضافة إلى الخُبز بالطبع.
- الطهي على نار هادئة: يوضع الطعام في إناء به مقدار من الماء أو الحساء على نار هادئة. ويلاحظ فيه تدرج في لون الطعام وفي درجة نضجه.
- الطهي بالسلق: يوضع الطعام في إناء مغطى أو بدون غطاء، به ماء مغلي أو سائل ذو نكهة كالمرق، وذلك حتى النضج.
- الشوي: نفس طريقة الخبز، ولكن بدرجة حرارة أعلى، ويمكنك استخدام صفيحة معدنية أو مقلاة مخصصة للشوي.
- الطهي بالبخار: يوضع الطعام فوق سلة أو شبكة موضوعة على إناء به ماء مضاف إليه توابل، أو سائل به نكهة. وبهذه الطريقة تنتقل النكهة للطعام بالبخار أثناء الطهي.
- قلل نسبة السكر
إضافة السكر بكميات كبيرة إلى الطعام، أو المشروبات المحلاة بالسكر مثل الصودا والعصائر، قد يسبب السمنة وزيادة الوزن، ويسبب زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وداء السكري من النوع الثاني (type 2 diabetes).
ما هي كمية السكر المناسبة؟
توصي جمعية القلب الأمريكية بألا يزيد استهلاك الفرد من السكر على ٩ ملاعق سكر أو ٣٦ جراما بواقع ١٥٠ سعراً حرارياً في اليوم الواحد، وهذا يشمل جميع مصادر السكر من سكر أبيض وبني، وعسل، وعصائر مركزة وغيرها.
نصائح لتقليل نسبة السكر
- استخدم الفواكه بدلاً من البسكويت، والحلوى، والمثلجات.
- استخدم عصير الفاكهة ولا تستخدم الشراب. حسناً ما الفرق بينهما؟ العصير محتواه بالكامل من الفاكهة، أما الشراب فيحتوي معظمه على الماء والسكر أكثر من الفاكهة نفسها.
- يمكنك أن تستبدل النكهة المكتسبة من السكر بنكهات أخرى مثل الفانيليا، والقرفة، وجوزة الطيب.
مكونات الطبق الصحي جزءاً من أساسيات الطبخ الصحي

بعد أن تعرفنا على بعض أساسيات الطبخ الصحي علينا أن نحدد ما الذي سنطبخه، فيجب ألا تخلو وجبتك من العناصر الغذائية الأساسية التالية:
- الكربوهيدرات (النشويات): تعد جزءاً مهماً جداً في الوجبة والمصدر الأساسي للطاقة، ويجب ألا تتعدى ثلثها. يمكنك اختيار الحبوب الكاملة مثل الأرز البني، ومكرونة الحبوب الكاملة، وخبز الحبوب الكاملة، وحبوب الشوفان، والبطاطس أيضاً وغيرها.
- البروتينات: مهمة جداً لنمو الجسم وتكوين الهرمونات، والجلد والشعر وغير ذلك. هناك مصادر بروتين نباتية مثل الفول، والعدس، والبقوليات ومصادر أخرى حيوانية مثل البيض، واللحم البقري، ولحم الدجاج، والأسماك، ويجب عليك التنوع والانتقال بين الأنواع المختلفة لكي تحصل على فائدة أكبر.
- الدهون: مهمة جداً للجسم وتعد مصدراً من مصادر الطاقة، وتحمي الأعضاء الداخلية، وتعمل على امتصاص بعض الفيتامينات، وقد ذكرنا بعض الإرشادات بخصوص نوعية الدهون ونسبتها.
- الفيتامينات والمعادن: يجب أن تحتوي الوجبة على كميات معينة من الخضروات والفاكهة، والتي تشكل ثلثي الوجبة، فهي غنية بالفيتامينات والمعادن اللازمة لصحة الجسم، والتي إذا حدث خلل بها نتيجة سوء التغذية فقد يؤدي ذلك إلى فشل في بعض الوظائف الحيوية.
في الواقع لقد أصبح من الواجب على الإنسان أن يتبع نمط حياة صحياً، ليس في معرفة أساسيات الطبخ الصحي والغذاء فقط، بل في كل جوانب حياته. وذلك في ظل انتشار الأطعمة المصنعة، والأطعمة مجهولة المصدر وغير ذلك إلى جانب العادات غير الصحية المنتشرة في المجتمع.
قائمة المراجع
1.mayoclinic.
2. healthline.