يُصيب مرض السكر مئات الملايين من البشر حول العالم من كافة الأجناس والأعراق والأعمار. وهو مرض مزمن يتطلب اتّباع نهج شامل للسيطرة عليه، ومنع حدوث أي من مضاعفاته على المدى القريب أو البعيد.
فإذا كنت مصابًا بمرض السكر، لن يتمكن جسمك من صنع الإنسولين أو استخدامه بصورة صحيحة؛ مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدَّم. وإذا تُرك دون علاج ومتابعة، قد يؤدي ذلك للعديد من المضاعفات شديدة الخَطَر مثل: أمراض القلب والكلى ومشكلات العين وتلف الأعصاب.
وتساعد التغذية العلاجية لمرضى السكر في الحفاظ على مستويات السكر ضمن الحدود المقبولة؛ مما يُسهم في منع حدوث مضاعفات المرض المحتملة أو التقليل منها. كما تُسهم أيضًا في تحقيق العديد من الفوائد لمرضى السكر، ومن أهمها:
- ضبط معدلات السكر في الدَّم، والحفاظ عليها ضمن الحدود المقبولة.
- الوقاية من مضاعفات مرض السكر، وعلى رأسها أمراض القلب والكلى والأعصاب والعين.
- تحسين مستويات الدهون في الدَّم.
- خفض ضغط الدَّم.
- تلبية المتطلبات الغذائية للمريض.
- الارتفاع بمستوى الصحة العام وتحسين جودة الحياة.
وتعتمد التغذية العلاجية لمرضى السكر على مجموعة من القواعد أو الإرشادات العامة التي تُعد حجر الأساس الذي يَنبني عليه كامل النظام العلاجي لمرضى السكر. وتُسمى تلك القواعد “أسس تغذية مرضى السكر”.
أسس تغذية مرضى السكر
تقوم التغذية العلاجية لمرضى السكر على مجموعة من الأسس، من أهمها:
- الحد من الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من السكر.
- الحذر بشأن كَمية الكربوهيدرات المُتناولة يوميًا، وأوقاتها.
- تجنب الإسراف في الطعام والالتزام بالكميات المُحددة من اختصاصي التغذية أو الطبيب.
- تقسيم كَمية الطعام المسموح بها إلى عدة وجباتٍ على مدار اليوم.
- الحرص على احتواء الوجبات على جميع العناصر الغذائية التي يحتاج إليها الجسم (الكربوهيدرات والبروتينات والدهون والفيتامينات والمعادن)، كلا منها بالقدر المطلوب.
- الالتزام بمواعيد الوجبات، والفواصل الزمنية بينها.
- تناول كميات أقل من الدهون.
- الحد من استهلاك ملح الطعام.
لذا ينصح مرضى السكر باتباع نظام غذائي صحي، وحمية مناسبة تتوافق مع تلك الأسس. وهناك أيضًا مجموعة من العوامل الأخرى التي يجب مراعاتها عند وضع هذا النظام الغذائي، ومن أهمها:
- النظام الغذائي الحالي والأنظمة السابقة للمريض.
- التاريخ المرضي السابق ونمط الحياة الذي يتبعه المريض.
- نتائج تحاليل الدَّم الدورية.
- الوزن الحالي للمريض وطوله؛ لحساب مؤشر الكُتلة الحالي والمُستهدف.
- وجود مشكلات أخرى مثل: الوزن الزائد واضطرابات الطعام.
كلُّ ما سبق يجب وضعه في الاعتبار عند التفكير في حمية غذائية مناسبة لمرضى السكر. فما هي أفضل الحميات المناسبة لهم؟
حمية مناسبة لمريض السكر

عند البحث عن حمية مناسبة لمريض السكر، يجب التركيز على التغذية الجيدة واختيار نظام غذائي متوازن، وذي خصائص يمكن تطبيقها واتباعها والالتزام بها بسهولة على المدى الطويل. وسنناقش في ما يلي ثلاثة من أفضل الأنظمة الغذائية التي تدعم التغذية العلاجية لمرضى السكر.
1- حمية البحر الأبيض المتوسط:
تمثل حمية البحر الأبيض المتوسط نمطا غذائيا يركّز على الأطعمة النباتية، بما في ذلك الفواكه والخضروات والبقوليات المجففة والحبوب الكاملة والمكسرات والبذور. وقدرٌ أصغر من الأسماك والدواجن والبيض ومنتجات الألبان، والقليل من اللحوم الحمراء. ومصدر الدهون الأساسي فيها هو زيت الزيتون.
وتعد تلك الحمية غنية بالفيتامينات والمعادن والألياف والدهون الصحية، وقليلة الكوليسترول والدهون المتحولة والمشبعة والسكريات المُضافة.
وقد أشارت إحدى المُراجعات البحثية إلى انخفاض مستوى سكر الدَّم في الأشخاص المصابين بمرض السكر من النوع الثاني الذين يتبعون حمية البحر الأبيض المتوسط، وذلك مقارنةً بأنواع أخرى من الحميات الغذائية. وكذلك ربطت تلك الحمية بانخفاض الوزن والكوليسترول وضغط الدَّم.
2- نظام داش الغذائي (DASH):
صمم نظام داش الغذائي للتقليل من ضغط الدَّم.
وهو نظام غذائي مشابه لحمية البحر الأبيض المتوسط، فهو يركز على الأطعمة النباتية مثل: الفواكه والخضروات والبقوليات المجففة والحبوب الكاملة والمكسرات والبذور، وكذلك الأسماك والدواجن ومنتجات الألبان قليلة الدسم.
ويحد من اللحوم الحمراء والحلويات والأطعمة الغنية بالدهون المشبعة أو السكريات المُضافة. كما يحد أيضًا من الأطعمة الغنية بالملح.
ووفقًا لمراجعة بحثية نشرت في عام 2017، فإن نظام داش يمثل نمطًا غذائيًا مستدامًا وغنيًا بالمغذيات للأشخاص المصابين بمرض السكر من النوع الثاني. وقد يساعد على تقليل ضغط الدَّم والكوليسترول ومقاومة الإنسولين والوزن.
3- الحميات النباتية:

لا تحتوي الأنظمة الغذائية النباتية على أي لحوم حمراء أو دواجن، وغالبًا لا تحتوي على المأكولات البحرية.
وفي المقابل، تركّز هذه الأنظمة على المصادر النباتية للبروتين مثل: التوفو والتيمبيه والفاصوليا والعدس والبسلة والمكسرات والبذور والحبوب.
ومن الممكن اتّباع نظام غذائي نباتي، وتلبية احتياجات الجسم الغذائية لمريض السكر. لكن كَوْن الطعام نباتيًا، لا يعني بالضرورة أنه سيكون صحيًا.
فإذا كنت مريض سكر من متّبعي الحميات النباتية، عليك التأكد من حصول جسمك على العناصر الغذائية الأساسية التي يحتاج إليها. وكذلك الحرص على تناول الكميات المطلوبة من البروتين ومصادر الفيتامينات والمعادن؛ وذلك للحصول على أفضل النتائج.
وإلى جانب الالتزام بنظام غذائي معين، إليك بعض النصائح الإضافية:
- راقب كميات الطعام وخاصةً الكربوهيدرات، فذلك يمكن أن يساعد في خفض السعرات الحرارية وتحسين مستويات السكر في الدَّم.
- خَطّط لوجباتك ونوّع خيارات الطعام لعمل طبق صحي، فعليك بتقسيم طبق الطعام في كل وجبة إلى نصفين. النصف الأول يحتوي على الفواكه والخضروات (المطهية أو الطازجة)، والنصف الثاني يقسم إلى ربعين: أولهما للبروتين (الحيواني أو النباتي)، وثانيهما للكربوهيدرات.
وهذا يدفعنا للحديث عن الأطعمة المسموح بها لمرضى السكر، وكذلك الأطعمة التي ينبغي تجنبها.
المسموح والممنوع من الأطعمة لمرضى السكر

عند الحديث عن التغذية العلاجية لمرضى السكر، لا يوجد أنواع خاصة من الأطعمة التي يوصى بها دون غيرها، فالأغذية التي يُنصح بها هي تلك التي تمد الجسم بما يحتاج إليه من العناصر الغذائية والطاقة اللازمة لتلبية احتياجاته.
ويجب أن يحدث ذلك وفق خطّة متوازنة بين الأطعمة ومراعاة كمياتها حسب الحاجة إليها دون إفراط أو تفريط.
الأطعمة التي يوصى بها لمرضى السكر:
- الكربوهيدرات الصحية: تلك الموجودة في الفاكهة والخضروات والحبوب الكاملة والبقوليات ومنتجات الألبان قليلة الدسم.
- الأطعمة الغنية بالألياف: مثل: الخضروات والفاكهة والمكسرات والحبوب الكاملة.
- الأسماك الصحية: مثل: السلمون والتونة والسردين والماكريل.
- الدهون الصحية: مثل: الأفوكادو والمكسرات وزيت الزيتون وزيت الكانولا وزيت الفول السوداني.
الأطعمة التي ينبغي لمرضى السكر التقليل منها:
- الأطعمة المُعبّأة والسريعة.
- المشروبات المحلاة بالسكر.
- اللحوم المصنعة واللحوم الحمراء.
- الدهون المتحولة والمشبعة.
- الخبز الأبيض والأرز والمعكرونة.
- الفواكه المجففة.
وبعد أن عرفت ما يجب عليك تناوله أو تجنبه من الأطعمة، قد يبدو لك أنه من الصعب تطبيق هذا النمط من التغذية، فضلًا عن اتباعه والاستمرار فيه.
لكن قد يسهل الأمر عليك أن تضع نصب عينيك مجموعة من الأهداف الرئيسة التي تتضمن الحد من الدهون غير الصحية والسكريات والكربوهيدرات المكررة.
هذا من شأنه ضبط مستويات السكر في الدَّم والحفاظ على الصحة وتقليل احتمالية حدوث مضاعفات مرض السكر.
ومن أمثلة الأنظمة الغذائية المعتدلة التي يتبعها مرضى السكر، نذكر ما يلي:
وجبة الإفطار

- نصف رغيف خبز بلدي.
- قطعة جبن قريش أو جبن أبيض منزوع الدسم.
- علبة زبادي منزوعة الدسم.
- 5 ملاعق فول مدمس بزيت زيتون أو زيت حار.
- 3 أقراص طعمية صغيرة أو بيضة مسلوقة.
- طبق سلطة خضراء.
- مشروب ساخن (قهوة أو شاي أو حليب منزوع الدسم) بدون سكر أو محلى بمادة بديلة للسكر.
وجبة الغداء

- رغيف خبز بلدي أو 7 ملاعق أرز بقليلٍ من الدسم أو 7 ملاعق معكرونة.
- طبق خضار مطبوخ بزيت دوار الشمس أو زيت الذرة (بامية أو ملوخية أو قنبيط أو سبانخ أو فاصوليا خضراء أو فول أخضر أو كوسا).
- أو 5 ملاعق بقوليات مطبوخة (لوبيا أو فاصوليا أو بسلة).
- 3 ملاعق بطاطس أو قلقاس.
- عدد 2 سمكة مشوية متوسطة الحجم.
- علبة تونة صغيرة دون زيت.
- ربع دجاجة مسلوقة أو مشوية منزوعة الجلد.
- 125 جرام لحم أحمر أو بتلو.
- ربع أرنب مسلوق أو مشوي أو صينية في الفرن بشرائح البصل والبطاطس.
- طبق شوربة صافية.
- طبق سلطة خضراء.
- ثمرة فاكهة.
بين الغداء والعشاء:
- كوب شاي أو قهوة بالحليب (محلى بمادة بديلة للسكر).
- ثمرة فاكهة واحدة (مانجو أو تفاح أو برتقال أو كمثرى).
- ثمرتا فاكهة (جوافة أو بلح أو تين).
- 3 ثمرات فاكهة (خوخ أو برقوق أو مشمش أو فراولة).
- 7 حبات عنب أو شريحة بطيخ أو شمّام.
- نصف كوب عصير فاكهة طبيعي.
- قطعة كيك.
- 3 قطع بسكويت سادة بدون كريمة أو شيكولاتة.
العشاء

- نصف رغيف خبز بلدي، أو 3 قطع توست أو بقسماط.
- كوب لبن أو زبادي خال من الدسم.
- قطعة جبن قريش أو جبن أبيض منزوع الدسم.
- 5 ملاعق فول مدمس بزيت زيتون أو زيت حار.
- بيضة مسلوقة.
- طبق سلطة خضراء.
النظام العلاجي لمرضى السكر

يعتمد النظام العلاجي لمرضى السكر على مجموعة من العناصر الهامة ومتداخلة التأثير، هدفها الأساسي هو السيطرة على المرض، ومنع حدوث مضاعفاته أو التقليل من تأثيرها، والتمتع بحياة شبه طبيعية. وتلك العناصر هي:
- الانتظام في العلاج واتباع إرشادات الطبيب.
- اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن.
- المواظبة على ممارسة الرياضة.
- الابتعاد عن الضغوط النفسية.
كلمة أخيرة
يتطلب التعامل مع مرض السكر فهم طبيعة المرض وكيفية السيطرة عليه؛ وذلك للتقليل من أضراره ومضاعفاته. وتعد التغذية العلاجية لمرضى السكر -جنبًا إلى جنب مع ممارسة الرياضة- من أهم طرق تقليل تلك الأضرار. فتعديل النظام الغذائي والانتقال إلى نمط حياة صحي من أهم ركائز علاج مرض السكر.