أنهينا طعام الغداء أنا وصديقتي وجلسنا نتجاذب أطراف الحديث؛ فقد مر وقت طويل منذ آخر مرة تقابلنا. بعدما احتسينا كوبين من القهوة بدأت أشعر بحرقة في صدري.
إنها الحموضة اللعينة، بدأ إحساس حرقة الصدر يزيد ويسبب لي انزعاجًا كبيرًا، لاحظتْ صديقتي انزعاجي وأحضرت لي دواءً مضادًّا للحموضة، ارتحتُ قليلًا ولكن ظلت حرقة المعدة رفيقتي حتى النوم.
هل يبدو لكَ هذا الموقف مألوفًا، وهذا الشعور المزعج بعدم الراحة؟ فإن كنتَ تعاني من الحموضة أو حرقة المعدة من آن لآخر، ولا تعرف كيف تتخلص منها أو تسيطر عليها؟ فهذا المقال لكَ.
ما هي الحموضة؟

الحموضة هي الشعور بحُرقة في أعلى المعدة وأسفل الصدر تمتد للحلق، تحدث بسبب ارتداد حمض المعدة وبعض إفرازاتها للمريء، وتحدث عادةً بعد الأكل.
حرقة المعدة المؤقتة العرضية لا تسبب قلقًا، ولكن إن تكررتْ عدة مرات في الأسبوع، لا بُدَّ من زيارة الطبيب.
أعراض الحموضة

بالإضافة للشعور الحارق في أسفل الصدر الذي يستمر من عدة دقائق إلى عدة ساعات، تشمل أعراض حُرقة المعدة ما يأتي:
- ألم في منطقة الصدر يزيد مع الاستلقاء أو الانحناء.
- طعم مرٌّ أو لاذع بالفم.
- رائحة نفس كريهة.
- الكحة في بعض الأحيان.
- شعور بعدم الراحة والانتفاخ.
قد تكون الحموضة عَرضًا لأمراض أكثر خطورة، مثل: ارتجاع المريء أو قرحة المعدة؛ فلا بُدَّ من الذهاب للطبيب فورًا إذا كنتَ تعاني من هذه الأعراض:
- ألم حاد في الصدر.
- تَكْرار حرقة المعدة لأكثر من مرة خلال الأسبوع لمدة ثلاثة أسابيع متتالية.
- صعوبة في البلع.
- ألم مع البلع.
- استمرار حُرقة المعدة حتى بعد أخذ دواء مضاد للحموضة.
- ألم في الظهر أسفل الكتفين مقابل للمعدة.
- غثيان أو قيء.
- براز أسود اللون ( دليل على وجود نزيف في المعدة).
أسباب الحموضة
يتكون المريء من عدة عضلات ومنهم عضلة تسمى العضلة العاصرة المريئية السفلى، تربط المريء بالمعدة وتتحكم في دخول الطعام والشراب للمعدة، ومنع خروج عصارة وإفرازات المعدة للمريء.
عند بلع الطعام ترتخي هذه العضلة؛ لتسمح بمرور الطعام للمعدة ثم تنقبض لمنع خروج محتويات المعدة، تحدث الحموضة بسبب ارتخاء هذه العضلة بشكل غير طبيعي أو يسبب ضعفها.
فلا تنقبض تمامًا أو ترتخي باستمرار؛ فتسمح بارتداد حمض المعدة للمريء. ما زالت أسباب الخلل في هذه العضلة غير معروفة حتى الآن.
عوامل الخطر التي تزيد من حدوث حرقة المعدة
هناك بعض العوامل التي تؤثر على العضلة العاصرة المريئية السفلى، وتزيد من حدوث حُرقة المعدة وتشمل ما يلي:
- السمنة.
- الحمل.
- فتق الحجاب الحاجز.
- التدخين.
- بعض الأطعمة والمشروبات.
- الكحوليات.
- القلق والتوتر.
- بعض الأدوية، مثل: مضادات الالتهاب والمسكنات.
- النوم بعد الأكل مباشرةً.
بعض الأطعمة والمشروبات تزيد من فرصة حدوث الحموضة ومنها:
- الطعام الحار.
- الطعام الدسم.
- الحمضيات، مثل: الليمون والبرتقال.
- الطماطم ومنتجاتها، مثل: الكاتشب.
- المشروبات التي تحتوي على الكافيين، مثل: القهوة.
- منتجات الألبان كاملة الدسم.
- الشيكولاتة.
- البصل والثوم.
- الأطعمة المقلية.
- النعناع.
- المشروبات الغازية.
- الطعام المحتوي على زيوت نباتية مهدرجة أو دهون حيوانية مشبعة.
أيضًا تناول الوجبات الكبيرة يؤدي إلى الضغط على المعدة، ومن ثَمَّ الضغط على العضلة العاصرة المريئية؛ فيسبب حرقة المعدة.
الحموضة في أثناء الحمل
الحموضة شائعة جدًا في أثناء الحمل، فهرمون البروجسترون يؤدي إلى ارتخاء عضلة المريء العاصرة السفلى، بالإضافة لضغط الجنين على المعدة؛ مما يؤدي إلى حدوث حرقة المعدة.
بعض التغيير في النظام الحياتي للمرأة الحامل يخفف من حرقة المعدة، وتوصي الجمعية الأمريكية للحمل بهذه النصائح:
- تقسيم الوجبات إلى خمس أو ست وجبات صغيرة في اليوم.
- عدم النوم أو الاستلقاء مباشرةً بعد الأكل.
- البعد عن الأطعمة الدسمة والحارة.
يزعم البعض أن تناول الحامل للزبادي منزوع الدسم مع ملعقة عسل نحل قبل الأكل يخفف من حرقة المعدة.
علاج الحموضة
يساعد تغيير نمط الحياة واتباع نظام غذائي منخفض الدهون على علاج الحموضة أو تخفيف حدتها. فعليكَ اتباع هذه النصائح:
- تقليل الدهون في حميتكَ الغذائية، والبعد عن الأطعمة الحارة.
- طهي الطعام بطريقة صحية.
- شرب الكثير من الماء على مدار اليوم.
- تجنب النوم بعد الأكل مباشرة.
- الجلوس مستقيم الظهر عند تناول الطعام.
- تقسيم الوجبات إلى وجبات أصغر خلال اليوم.
- الإقلاع عن التدخين.
- فقدان الوزن إن كان وزنك زائدًا.
- عدم ارتداء ملابس ضيقة عند منطقة المعدة والصدر.
- عدم التوتر والقلق.
- عـدم الأكل قبل النوم بثلاث ساعات على الأقل.
- ممارسة الرياضة للحفاظ على صحتكَ.
- مضغ علكة بدون سكر بعد تناول الطعام؛ تساعد على تقليل حمض المعدة، فقط احرص على أن لا تكون بطعم النعناع.
يمكنكَ أيضًا استخدام مضادات الحموضة التي لا تحتاج لوصفة طبية من الصيدليات، ولكن تجنب الإفراط في تناولها.
علاج الحموضة بالغذاء

علاج حرقة المعدة الأساسي يعتمد على تقليل حمض المعدة، ويمكن تقليل هذا الحمض من خلال تناول أطعمة منخفضة الحمضية أو أطعمة غير حمضية، مثل:
فواكه منخفضة الحمضية
الموز والبطيخ والشمام والكنتالوب والتفاح والكمثرى من الفواكه منخفضة الحمضية، على عكس معظم الفواكه التي تحتوي على نسبة عالية من الأحماض.
الشوفان
يعد الشوفان مصدرًا للألياف الطبيعية، فهو الإفطار المثالي ولا يسبب حُرقة المعدة.
الخضروات
تحتوي الخضروات على نسبة قليلة من الدهون والسكريات؛ لذلك تقلل من حمض المعدة، ومن أفضل الخضروات في ذلك: الخيار والفاصوليا الخضراء والبروكلي والبطاطس والكرفس والقرنبيط.
الزنجبيل
يساعد الزنجبيل على تخفيف حُرقة المعدة ومشكلات الجهاز الهضمي الأخرى، يمكن شربه أو إضافته للوجبات.
بياض البيض
ابتعد عن صفار البيض لاحتوائه على الدهون؛ فرُبما يزيد من الحموضة.
الدهون الصحية
توجد الدهون الصحية في المكسرات، والأفوكادو. ويمكن استخدام الزيوت الصحية غير المشبعة في الطهي، مثل:
- زيتُ الزيتون.
- زيت السمسم.
- زيت الكتان.
اللحوم الخالية من الدهون
تحتوي الدواجن على نسبة دهون منخفضة، مثل: الدجاج والديك الرومي، تطهى بدون جلد بطريقة صحية. وكذلك اللحوم الحمراء التي لا تحتوي على دهون.
المأكولات البحرية
المأكولات البحرية منخفضة الدهون وتساعد على تقليل حمض المعدة، وتطهى بطريقة صحية بعيدًا عن القلي.
يساعد الغذاء قليل الدهون على تخفيف حدّة حموضة المعدة، لكن لا بدَّ من اتباع كافة النصائح حتى تستطيع السيطرة على حُرقة المعدة.
تشخيص الحموضة
عند تَكْرار حُرقة المعدة أو تفاقم الأعراض لا بُدَّ من الذهاب للطبيب، لتحديد إن كانت حموضة عرضية مؤقتة أم مؤشر لمرض آخر، ويشخص الطبيب الحالة بناء على الأعراض والفحص السريري.
قد يطلب الطبيب إجراء بعض الفحوصات الأخرى وتشمل:
الأشعة السينية الملونة باستخدام الباريوم

تستخدم الأشعة السينية الملونة بديلًا للأشعة السينية العادية للكشف عن مشكلات الجهاز الهضمي، في الأشعة العادية لا تظهر الأعضاء والأوعية الدموية؛ لذلك تستخدم صبغة الباريوم في أشعة المريء والمعدة والأمعاء الدقيقة.
يشرب المريض محلول الباريوم لصبغ جدران المريء؛ فيظهر كاملًا في الأشعة، وكذلك المعدة والأمعاء الدقيقة، ويبين الباريوم وجود أي قرحات أو خلل في عضلات المريء والمعدة، أو وجود أي انسداد في مجرى الطعام.
تنظير المعدة
يشمل هذا الإجراء الذي يجريه الطبيب فحص المريء والمعدة والإثنى عشر، من خلال إدخال أنبوب صغير «المنظار» في نهايته كاميرا صغيرة؛ لتصوير المنطقة المراد فحصها.
يصف الطبيب بعض الأدوية على حسب الحالة وتشمل:
- مضادات الحموضة، تقلل من كمية الحمض داخل المعدة.
- مثبطات مضخة البروتون، تقلل من إفراز الحمض داخل المعدة
- حاصرات أو حاجزات مستقبلات الهيستامين2، تقلل أيضًا من إفراز الحمض داخل المعدة.
بالإضافة لتغيير نمط الحياة وعادات الأكل.
في الختام، قد تكون الحموضة شعورًا مزعجًا ويسبب ألمًا، ولكن مع بعض التغيير في نظام حياتكَ اليومي، والبعد عن الطعام الدسم والعادات غير الصحية، يمكنكَ السيطرة عليها.