“انتبه! فهذا الطعام يحتوي على كمية من الدهون.”
ربما كانت الجملة السابقة أكثر من كافية عند كثير من الناس للتوقف عن تناول الطعام أو حتى العزوف عنه قبل البدء.
وربما تُحفز كلمة “الدهون” الكثير من مشاعر الخوف والقلق عند الكثيرين ممن يتبعون حمية غذائية معينة، أو ممن يرتادون النوادي الرياضية للحصول على الوزن المثالي والجسم الرشيق، أو حتى ممن سمعوها كثيراً في إطار سلبي فارتبطت في أذهانهم بتصورات سيئة هي على الأغلب غير صحيحة.
ولكن أتعلم عزيزي القارىء أن الدهون ضرورية جداً للحفاظ على الصحة، وأنها تنقسم لأنواع منها ما هو ضار ومنها ما هو مفيد.
إذن فما هي أنواع الدهون؟ وما هي الدهون الصحية؟ وما هي مصادرها؟ وما هي أهميتها؟ هذا ما سنناقشه في السطور التالية.
الدهون – أهميتها وأنواعها:
الدهون هي أحد عناصر الغذاء المهمة ذات السمعة السيئة -قديماً- لارتباطها بزيادة الوزن وأمراض القلب وداء السكري. أما الأبحاث الحديثة، فتؤكد أهميتها كعنصر أساسي في الطعام لما لها من أهمية كبيرة في:
- إمداد الجسم بالطاقة اللازمة للقيام بالعمليات الحيوية
- تسهيل امتصاص العديد من الفيتامينات الموجودة في الطعام (مثل A و D و E و K)
- بناء الخلايا وتصنيع الهرمونات الضرورية
- مصدر للأحماض الدهنية الأساسية التي لا يستطيع الجسم تصنيعها
ولا يعني هذا بالطبع دعوة مفتوحة للإكثار منها بدون ضابط، بل المقصود هو التنبيه على أهميتها. والهدف هو المحافظة على تناول وجبات متوازنة تحتوي على أنواع المغذيات المختلفة من الدهون (الصحية) والكربوهيدرات والبروتينات، بالإضافة إلى الفيتامينات والمعادن.
وتنقسم الدهون لثلاثة أنواع رئيسية هي:
- الدهون المشبعة (يجب التقليل منها قدر الإمكان)
- الدهون المتحولة (يجب التقليل منها قدر الإمكان)
- الدهون غير المشبعة (مفيدة وصحية)
الدهون المشبعة:
توجد بشكل أساسي في الأطعمة ذات المصدر الحيواني مثل اللحوم ومنتجات الألبان. وكذلك في بعض الأطعمة النباتية مثل زيت النخيل وزيت جوز الهند، وتكون صلبة في درجة حرارة الغرفة.
وتزيد الدهون المشبعة مستويات الكوليسترول (بكلا نوعيه – النافع والضار) في الدم مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
الدهون المتحولة:
معظمها مصنوع من الزيوت كناتج لعملية الهدرجة الجزئية (إحدى طرق معالجة الطعام). وتزيد الدهون المتحولة مستويات الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية في الدم مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب وداء السكري والسرطان. وتوجد في الأطعمة الجاهزة مثل الوجبات السريعة والأطعمة المقلية والفطائر.
الدهون غير المشبعة:
معظم أنواع الدهون الغذائية المفيدة هي من الدهون غير المشبعة. وتعمل على تقليل مستويات الكوليسترول في الدم، وبذلك تقلل خطر الإصابة بأمراض القلب وداء السكري من النوع الثاني. ويشار إليها باسم “الدهون الصحية”. فما هي الدهون الصحية؟
ما هي الدهون الصحية؟
هي الدهون غير المشبعة التي تكون في صورة سائلة في درجة حرارة الغرفة. وتعد من الدهون المفيدة؛ إذ تقلل من مستويات الكوليسترول الضار وترفع من مستويات الكوليسترول النافع في الدم.
وتنقسم إلى:
- الأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة: وتوجد في الزيوت النباتية مثل زيت الأفوكادو وزيت الكانولا وزيت الزيتون وزيت الفول السوداني.
- الأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة: وتوجد في الزيوت النباتية مثل زيت عباد الشمس وزيت الذرة وزيت فول الصويا. كما توجد أيضاً في بعض المصادر الحيوانية مثل بعض أنواع الأسماك الدهنية كسمك السلمون والتونا والماكريل والسردين.
فوائد الدهون الصحية:
من أهم فوائد الدهون الصحية تحسين مستويات الكوليسترول بالدم (تقليل الكوليسترول الضار وزيادة الكوليسترول النافع) مما يقلل خطر الإصابة بأمراض القلب وداء السكري من النوع الثاني.
كما أن تناولها يحسن من الصحة العامة للجسم ويساعد على إنقاص الوزن الزائد. فكيف يؤدي تناول الدهون الصحية لإنقاص الوزن؟
الدهون الصحية لإنقاص الوزن:

تناول الكمية المناسبة من الدهون (وبخاصة الصحية منها) ضروري لأجسامنا؛ لأنها تزيد من الشعور بالشبع، وترفع من معدل التمثيل الغذائي، وتسهل امتصاص الجسم للفيتامينات الذائبة في الدهون. وقد يساعد ذلك في إنقاص الوزن بطريقة سهلة وآمنه. فما هي الدهون الصحية للدايت؟
لا يختلف استخدام الدهون الصحية للدايت عن استخدامها خارجه. فالهدف دائماً هو إمداد الجسم بالعناصر المغذية والمفيدة له، والحفاظ على توازن الوجبات، فالتفريط أو الإفراط في تناول أيٍ من العناصر قد يكون له نتائج سلبية لا يحمد عقباها. فالمهم هو التركيز على الدهون غير المشبعة وتناولها باعتدال وتوازن مع باقي العناصر المغذية. ولنضرب بحمية الكيتو مثالاً.
الدهون الصحية في الكيتو:

تعتمد حمية الكيتو على استخدام الدهون بشكل أساسي للحصول على الطاقة مع تقليل استهلاك البروتينات والكربوهيدرات. ومن الدهون الصحية في الكيتو ما يلي:
- الأفوكادو وزيت الأفوكادو
- المكسرات، مثل الجوز واللوز
- البذور، مثل بذور الكتان واليقطين
- الأسماك الزيتية، مثل السلمون والتونا والأنشوجة والسردين
- الزيتون وزيت الزيتون
ولننتقل لنقطة أخرى تهم الكثيرين ألا وهي فوائد الدهون الصحية لكمال الأجسام والرياضيين.
الدهون الصحية لكمال الأجسام:
عادة ما يلجأ لاعبو كمال الأجسام والرياضيين إلى اتباع نظام غذائي متوازن يجمع بين مختلف المغذيات الضرورية مثل البروتينات والكربوهيدرات والدهون، للحصول على الطاقة اللازمة للقيام بالتمارين.
ولذا، فإدراج الدهون (الصحية) في النظام الغذائي للرياضيين شيء لا بد منه لما تحتويه من طاقة تفوق البروتينات والكربوهيدرات (يعادل جرام البروتين أو الكربوهيدرات 4 سعر حراري، بينما يعادل جرام الدهون 9 سعر حراري).
كما تسهم الدهون الصحية أيضاً في إنتاج هرمون التستوستيرون وهرمون النمو اللذان يساعدان على نمو العضلات.
ولهذا يُنصح لاعبو كمال الأجسام بتناول الدهون الصحية غير المشبعة (وبخاصة المحتوية على الأحماض الدهنية أوميجا 3 وأوميجا 6) الموجودة في الزيوت الطبيعية مثل زيت الزيتون، وزيت الأفوكادو، وزيت الفول السوداني، والمكسرات. وكذلك أنواع الأسماك الدهنية كسمك السلمون والتونا والماكريل والسردين.
وقد يدفعنا هذا -بالضرورة- للتساؤل عن أنواع الدهون الصحية للطبخ.
الدهون الصحية للطبخ:
لا يتعلق الأمر فقط بمجرد اختيار النوع الصحي من الزيوت، وإنما يجب النظر فيما قد يطرأ على تلك الزيوت بعد الطبخ بها. فعند الطهي على درجات حرارة عالية، يجب اختيار زيوت ثابتة لا تتأكسد أو تفسد بسهولة.
إذن، فللزيوت المختلفة خواص مختلفة تجعلها أفضل لاستخدامات معينة. فبعضها أفضل للخبز، وبعضها أفضل للقلي، وبعضها أفضل في السلطات. ولنستعرض بعضها سريعاً.
- زيت جوز الهند: هو الخيار الأفضل عند الطهي على حرارة عالية. وهو غني بحمض اللوريك الذي يحسن من مستويات الكوليسترول ويساعد على قتل البكتيريا.
- زيت الزيتون: يحتوي على نسبة كبيرة من الدهون الأحادية غير المشبعة ومضادات الأكسدة (في النوع البكر أكثر بكثير من النوع المكرر). ويمكن استخدامه على البارد وفي الطهي. ويحفظ في مكان بارد وجاف ومظلم.
- زيت الأفوكادو: يتشابه في التركيب والاستخدامات مع زيت الزيتون.
- زيت الكانولا: هو زيت مشتق من بذور اللفت ويعد مصدر جيد لأحماض أوميجا 3 وأوميجا 6. ومعظم تركيبه من الدهون الأحادية غير المشبعة.
والآن، تذكر دائماً أن تناول الكمية المناسبة من نوع الدهون المناسب قد يكون له تأثير جذري وإيجابي على صحتك من نواحي متعددة. فلم تعد الدهون محل الاتهام الدائم كما السابق. وذلك بعد أن أثبتت الدراسات الحديثة أهمية تناولها وضرورة تواجدها في الأنظمة الغذائية المختلفة، بل وربما اعتمدت عليها بشكل أساسي لإنقاص الوزن كما في حمية الكيتو.
وبقي فقط أن نعرف ما هي الدهون الصحية المفضلة لديك؟