يتطلب العصر الحالي السعي الدائم لتلبية احتياجات الحياة، فالحياة أحيانًا تُجبرنا على مواصلة السعي والحركة المستمرة والتطور الدائم، لذلك يُجبر الإنسان على العمل المستمر لساعات طويلة حرصاً منه على تحقيق أهدافه، ولكن قد يصل به الحال لوهن حالته الصحية، وقد يُصاب بظهور شبكة عنكبوتية من الأوردة الدموية التي تسمى “الدوالي”.
تصيب الإنسان في مختلف مراحله العمرية، حيث تُسبب توسع في الأوردة الدموية خاصةً أوردة الساقين وتراكم الدم بهما، وتختلف أسباب الإصابة بها وطرق علاجها، وتتنوع أيضًا العوامل المؤثرة فيها.
قد يستهين بها البعض، وقد يهمل البعض الآخر العلاج، ولكن من المؤسف أن بعض الحالات المتأخرة تتطلب تدخلًا جراحيًا بسبب إهمال العلاج أو الاستهانة بمرض الدوالي.
لذلك سنتعرف في هذا المقال على أنواع الدوالي ومخاطرها وأسبابها.
ما هي الدوالي؟
هي تدلي الأوردة الدموية القريبة من الجلد بسبب التضخم الحادث داخلهم بسبب تراكم الدم، تُشكل هذه الأوردة شبكة عنكبوتية ظاهرة خاصةً على الساقين؛ نتيجة الوقوف والجلوس لفترات طويلة مما يزيد الضغط على هذه الأوردة وتلجأ إلى التدلي.
هذا التدلي يسبب لدى بعض الناس وجعًا في أثناء الحركة وعدم الراحة في المفاصل، وقد لا يظهر أي أعراض على البعض الأخر، وفي بعض الأحيان يحتاج الأمر لعلاج طبي تحت إشراف طبيب وقد يتطلب تدخلًا جراحيًا في بعض الحالات.
أنواع الدوالي
تنقسم دوالي الساقين إلى عدة أنواع وهم كالتالي:
- دوالي الجذع: تكون قريبة جدًا من الجلد، وتظهر في شكل عقد منتفخة وعروق زرقاء اللون سميكة بارزة فوق سطح الجلد.
- الدوالي الشبكية: تظهر على شكل خطوط حمراء اللون، وربما تظهر قريبة من بعضها في شكل شبكة.
- خيوط الدوالي: خيوط رفيعة تشبه الشبكة العنكبوتية زرقاء اللون، وهي مجموعة من الشعيرات الدموية الصغيرة ظهرت في مستوى سطح الجلد.
كل ما سبق من أنواع دوالي الساقين، ولكن علينا ذكر وجود أنواع أخرى من الدوالي في باقي الجسم مثل:
- دوالي الخصية.
- دوالي المهبل.
أعراض الدوالي
- ألم في الساقين وإحساس بالثقل أثناء الحركة.
- يزداد الألم عند الوقوف أو الجلوس لفترات طويلة.
- أحيانًا تتورم القدم.
- تغير لون الجلد في الأماكن المحيطة بالأوردة.
- حكة أو التهاب أو جفاف حول أحد الأوردة المتدلية.
- شد عضلي في الساقين خاصةً مساءً.
- حدوث نزيف لفترة طويلة إذا حدث جرح قريب من الأوردة المتدلية.
أسباب الدوالي

تُعد المهمة الرئيسية للأوردة الدموية في الجسم هي استرجاع الدم من الأنسجة وتوصيله للقلب، ولكي تفعل أوردة الساقين هذه المهمة وتدفع الدم إلى أعلى في اتجاه القلب تحتاج إلى صمامات تمنع سقوط الدم في اتجاه القدم.
عند خلل الصمام وارتخائه يتراجع الدم مرة أخرى في الوريد؛ مما يعمل على توسع الوريد لاستيعاب الدم، ومع الوقت يتراكم الدم ويتدلى الوريد، ومن هنا تنشأ الدوالي.
ولكن توجد عدة عوامل تزيد من احتمالية الإصابة بها مثل:
- الحمل.
- السِمنة.
- كِبر السن.
- سن اليأس.
- عوامل وراثية.
- الوقوف لساعات طويلة.
- الإناث أكثر عرضةً للإصابة بالدوالي من الذكور.
- الإمساك المزمن.
كيفية تشخيص الدوالي؟
تُشخص بمجرد النظر على شكل الأوردة الدموية بالساقين، ولكن قد يحتاج الطبيب إلى فحوصات إضافية تساعده في معرفة اتجاه سريان الدم، ومن هذه الفحوصات التالي:
- تصوير وريدي (venogram) لتُبين حالة الأوردة ونسبة التدلي بداخلهم.
- أشعة باستخدام الموجات فوق الصوتية (ultrasound) لتُبين سريان الدم.
هذه الفحوصات غير مؤلمة للمريض، بالإضافة إلى أنها تساعده في معرفة إذا كان يوجد أسباب أخرى تعيق حركة الساقين مثل الجلطات الدموية بالساقين أو أي أمراض وريدية أخرى قد تساهم في تورم الساقين.
وقد يحتاج الطبيب أن يسأل المريض عدة أسئلة لمعرفة التاريخ المرضي للحالة مثل:
- هل أصابت الدوالي أحد من أفراد العائلة؟
- هل تشعر بألم وصعوبة في الحركة؟
- إذا كان يتطلب عمله الوقوف أو الجلوس لفترات طويلة.
- هل حدث التهاب أو جفاف في الجلد في المنطقة المحيطة للأوردة؟
كما يتبين الطبيب من العوامل التي تزيد من احتمالية الإصابة مثل الجنس (إذا كانت أنثى يزيد الاحتمال)، أو وجود حمل، أو سن اليأس أو وجود سِمنة مفرطة.
علاج الدوالي

على الرغم من سهولة العلاج إلّا أنّ بعض الناس يهمله ويستهين بالمرض، فالعلاج ينقسم إلى شقين أساسيين وهما:
الشق العلاجي وهذا الشق يكون تحت إشراف الطبيب ويختلف من حالة لأخرى تبعًا لمدى تدهور الحالة وطبيعة الأعراض التي يشكو منها المريض، ويتمثل فيه:
- دواء مقوي للأوعية الدموية ليساهم في دفع الدم في اتجاه القلب وبالتالي يساعد في الحد من تدلي الأوردة.
- دواء يزيد من مرونة الأوعية الدموية.
- مسكنات NSAIDS لتحمل الألم.
- علاج يساعد على سيولة الدم.
- استخدام شراب الدوالي الذي يعد أساسياً في علاجها.
الشق الثاني هو تغير طبيعة حياة المريض، حيث يعد هذا الشق نصف طريق العلاج ولا يقل أهمية عن الشق العلاجي، وذلك عن طريق:
- فقدان الوزن: يساهم في تخفيف الضغط على الأوردة.
- ممارسة أنواع من الرياضة لتساعد في تنظيم الدورة الدموية بشكل أفضل.
- عدم الوقوف أو الجلوس لفترات طويلة.
- تجنب ارتداء ملابس ضيقة أو أحذية عالية حتى لا تضغط على الأوردة.
- محاولة رفع القدم لمستوى أعلى من الأرض عند الجلوس.
- عدم وضع ساق فوق الأخرى.
هذه طرق العلاج في أغلبية الحالات، ولكن متى تتطلب التدخل الجراحي؟
في حالة استمرارك في العلاج الدوائي وتغير نظام حياتك مدة تتراوح من 6 إلى 12 شهرًا بدون تحسن في الأعراض أو في شكل الأوردة، في هذه الحالة يتطلب الأمر التدخل الجراحي.
ما هي أنواع التدخل الجراحي؟
يختلف أنواع التدخل الجراحي طبقًا لحالة المريض ويحدد الطبيب النوع اللازم لكل حالة، ومن هذه الأنواع الآتي:
- الليزر: حيث يستخدم في تدلي الشعيرات الدموية والتدلي البسيط للأوردة، والهدف الأكبر من استخدامه هو إخفاء شكل الدوالي.
- المعالجة بالتصليب Sclerotherapy: حيث يعتمد على حقن مواد كيميائية داخل الأوردة تعمل على انكماشها.
- الاستئصال القسطري Catheter ablation: حيث تستَخدم قسطرة بمساعدة الليزر لاستئصال الأوردة التالفة المغلقة من كثرة التدلي.
- الإزالة عن طريق العملية الجراحية.
هل يعني التدخل الجراحي التخلص نهائيًا من الدوالي؟
لا، لا يعد إجراء الجراحة تخلصًا نهائيًا منها، يمكن أن تُصاب بها مرة أخرى إذا استمرت نفس الأسباب.
أضرار الدوالي
إهمال علاجها والاستهانة بها يؤدي إلى ظهور بعض المضاعفات مثل:
النزيف: تدلي الأوردة القريبة من سطح الجلد للخارج يعمل على خروج الدم منها أثناء الحكة ويصعب السيطرة على النزيف حينها.
تجلط الدم: يسهل التدلي تكوين جلطات في الساقين؛ مما يعيق الحركة ويزيد من مضاعفاتها وقد يتطلب الأمر تدخلًا جراحيًا في الحال.
تورم القدم: إذا استمرت لفترة طويلة فإنها تؤثر على الأوردة مما يؤدي إلى التهابها وتجمع الدم في القدم ويسبب التورم.
لذلك عليك الاهتمام بصحتك، ولا تستهين بالدوالي ولا تستصعب طول فترة علاجها؛ فلا يوجد علاج نهائي يخلصك منها سوى المحافظة على نظام صحي لحياتك.