لعلنا سمعنا جميعًا عن ما يسمى “الزيوت المهدرجة”، وكم لها من أضرار خطيرة على صحة الإنسان! وقد ازداد استهلاك البشر لتلك الزيوت في الآونة الأخيرة؛ إذ إنها توجد في معظم الأطعمة المعلبة، ودائمًا يفضلها المصنعون نظرًا لانخفاض تكلفتها وطول فترة صلاحيتها.
تعرف معنا -عزيزي القارئ- على مخاطر الزيوت المهدرجة وطرق تجنبها في هذا المقال.
ما الزيوت المهدرجة Hydrogenated oils؟
هي زيوت تعالج بإضافة الهيدروجين إلى تركيبها الكيميائي.
عملية الهدرجة: هي عملية دفع الهيدروجين إلى الزيت النباتي الساخن باستخدام عامل محفز، مثل النيكل؛ ما يؤدي إلى تغيير قوام الزيت من الشكل السائل إلى الشكل الأكثر صلابة، وكذلك يزيد من صلاحية الزيت، وهو ما يهدف إليه المصنعون.
تعد هذه الزيوت أكثر استقرارًا، وكذلك تقاوم عملية الأكسدة، أي أنها تقاوم التكسير عند التعرض للحرارة، لذلك تستخدم
في الأطعمة المخبوزة أو المقلية.
يوجد نوعان للزيوت المهدرجة:
- زيوت مهدرجة جزئيًا.
- زيوت مهدرجة كليًا.
الزيوت المهدرجة جزئيًا
تحتوي الزيوت المهدرجة جزئيًا على دهون متحولة Trans fats (تنتج في أثناء عملية الهدرجة) تمنحها قوامًا ناعمًا يشبه الزبدة،
ويستخدم الزيت المهدرج جزئيًا في الأطعمة المصنعة والمخبوزات والسمن؛ لأنها تعيش فترة أطول من الزيت العادي وكذلك تعطي المعجنات قوامها.
تسبب الدهون المتحولة الموجودة في الدهون المهدرجة جزئيًا ارتفاع مستويات كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة LDL (النوع السيئ)، وتخفض مستويات كوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة HDL (النوع الجيد) في نفس الوقت.
لذا، فإن تناول الزيوت المهدرجة جزئيًا المحتوية على الدهون المتحولة يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية، كذلك فهي مرتبطة بالإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
يسبب أيضًا تسخين وإعادة استخدام الدهون المهدرجة جزئيًا مشكلات خطيرة؛ إذ أشارت بعض الدراسات إلى أن كمية الدهون المتحولة تزداد عند تسخين الدهون المهدرجة جزئيًا من 180 إلى 220 درجة فهرنهايت، بغض النظر عن طريقة التسخين.
حُظر استخدام الدهون المتحولة في بعض الدول مثل الولايات المتحدة؛ بسبب الأضرار الصحية الخطيرة التي تؤدي إليها.
الزيوت المهدرجة كليًا
هي زيوت تتحول بعد عملية الهدرجة إلى القوام الصلب، وتشبه الدهون المشبعة الموجودة في اللحوم، وغالبًا تكون هذه الزيوت في شكل حمض الستياريك Stearic acid، وهو حمض مستقر نسبيًا، ولا يؤثر بشكل كبير في الكوليستيرول الضار LDL، أي أنه أقل ضررًا من الدهون المشبعة وصالح للاستخدام في المطبخ.
يعد الزيت المهدرج كليًا أقل ضررًا وأكثر أمانًا على صحة الإنسان من الزيت المهدرج جزئيًا؛ لأنه لا يحتوي على الدهون المتحولة، لكنه لا يزال يشكل خطرًا على صحة الإنسان.
تكمن مشكلة الزيوت المهدرجة كليًا في كونها صلبة؛ مما يُصعب استخدامها، لذلك يمكن خلطها ببعض الزيوت غير المشبعة، مثل زيت الصويا وزيت عباد الشمس، في عملية تسمى الأسترة الداخلية Interesterification.
لا يوجد دليل واضح حتى الآن على مدى تأثير تلك الزيوت المهدرجة كليًا على مستويات الكوليسترول، وصحة القلب والأوعية الدموية.
أطعمة تحتوي على الزيوت المهدرجة
كما ذكرنا مسبقًا فإن بعض الدول حظرت استخدام تلك الزيوت، كذلك حظرت منظمة الغذاء والدواء استخدام الدهون المتحولة في الطعام.
لكن لا تزال هذه الزيوت موجودة في العديد من الأطعمة المعلبة.
تشمل الأطعمة الأكثر شيوعًا التي تحتوي على الزيوت النباتية المهدرجة ما يلي:

- السمن النباتي.
- الأطعمة المقلية.
- السلع المخبوزة.
- مبيضات القهوة.
- المقرمشات.
- المعجنات المعلبة.
- الخضار المعلب (غير كامل النضج).
- فشار الميكروويف.
- رقائق البطاطس.
- الوجبات الخفيفة المعبأة.
ما مخاطر الزيوت المهدرجة؟
يرتبط استخدام هذه الزيوت بالكثير من الأضرار الصحية للبشر، تشمل أضرار هذه الزيوت ما يلي:
ضعف السيطرة على مستوى السكر في الدم
تشير بعض الأبحاث إلى أن الزيوت النباتية المهدرجة تمنع الحفاظ على مستوى السكر في الدم في المعدل الطبيعي.
أثبتت إحدى الدراسات التي أجريت على مدى طويل أن تناول الدهون المشبعة (أحد النواتج الثانوية لعملية الهدرجة) يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، لذلك عند تغذية مرضى السكر يجب الابتعاد عن تلك الدهون.
وأثبتت دراسات أخرى أن تناول الدهون المتحولة يتسبب في زيادة مخاطر مقاومة الخلايا للأنسولين، تضعف هذه الحالة من قدرة الجسم على استخدام الأنسولين، وهو هرمون يضبط مستويات السكر في الدم في المعدل الطبيعي.
ومع ذلك، تعطي دراسات أخرى نتائج متضاربة حول تأثيرات الدهون المتحولة على مستويات السكر في الدم و يحتاج ذلك إلى المزيد من البحث.
تزيد من الالتهابات في الجسم
الالتهاب الحاد هو استجابة مناعية طبيعية تحمي جسم الإنسان من المرض والعدوى، إلا أن الالتهاب المزمن يمكن أن يسبب بعض الأمراض، مثل أمراض القلب والسكري والسرطان.
تشير بعض الدراسات إلى أن الدهون المتحولة الموجودة في الزيوت النباتية المهدرجة يمكن أن تزيد من الالتهابات في الجسم.
وأثبتت دراسة أخرى أن بعض علامات الالتهاب كانت أعلى بنسبة تصل إلى 73٪ لدى أولئك الذين تناولوا أكبر قدر من الدهون المتحولة، مقارنةً بأولئك الذين استهلكوا كميات أقل.
تضر بصحة القلب
يؤدي استخدام الدهون المتحولة الموجودة في الزيوت النباتية المهدرجة إلى أضرار شديدة بصحة القلب؛ إذ إنها تسبب زيادة مستوى الكوليستيرول الضار LDL، وتقلل مستوى الكوليستيرول النافع HDL.
تشير دراسات أخرى إلى أن تناول كميات كبيرة من الدهون المتحولة يؤدي إلى زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية.
طرق تجنب الزيوت المهدرجة
رغم كل هذه الأضرار التي تسببها تلك الزيوت، إلا أنه يواصل مصنعو المواد الغذائية استخدامها من أجل:
- توفير المال.
- زيادة العمر الافتراضي للأطعمة.
- إضافة قوام مناسب.
- زيادة استقرار الأطعمة.
لذا فليس من السهل دائمًا تجنب الزيت المهدرج، ولكن سنقدم لكم بعض الطرق لاكتشافه وتجنبه.
5 من طرق تجنب الزيوت المهدرجة:
- تعرف على الأطعمة المحتوية على الزيوت المهدرجة

يجب عليك أن تتأكد ما إذا كان الطعام الذي تتناوله يحتوي على تلك الزيوت أم لا، وعادةً توجد هذه الزيوت في السمن النباتي والأطعمة المعلبة والمعجنات الجاهزة والأطعمة المقلية ومنتجات الألبان (نباتية الدهن).
- اقرأ ملصقات الطعام بعناية
نظرًا لأن الزيت المهدرج جزئيًا يحتوي على دهون متحولة، فمن الأفضل تجنب أي منتج غذائي يحتوي على زيت مهدرج جزئيًا،
لذلك يجب قراءة الملصقات الموجودة على عبوات الأطعمة.
لكن أحيانًا يكون المنتج المصنف على أنه يخلو من الدهون المتحولة ليس كذلك بالفعل؛ إذ إنه وفقًا لمنظمة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) ، يمكن للشركة تصنيف الطعام على أنه لا يحتوي على الدهون المتحولة إذا كان المحتوى الفعلي 0.5 جرام لكل وجبة أو أقل، أي أنه غير خالٍ تمامًا من الدهون المتحولة.
تدعي بعض الملصقات الغذائية أن العبوة لا تحتوي على أي دهون متحولة، لكن قد يظل الزيت المهدرج جزئيًا مدرجًا كأحد المكونات، لذلك من المهم قراءة كلٍ من الملصق الغذائي وقائمة المكونات.
- استخدم الزيوت النباتية الصحية للطهو
حاول أن تختار الزيوت النباتية الصحية للقلب، مثل زيت القرطم أو الزيتون أو زيت الأفوكادو؛ إذ أثبتت بعض الدراسات أن زيت القرطم يحسن من مستويات السكر والدهون في الدم، ويقلل الالتهاب.
كذلك أثبتت دراسات أخرى أن استخدام زيت الزيتون وزيت الأفوكادو يفيد صحة القلب.
حاول دائمًا طهو الطعام عن طريق الخبز أو الشيّ، وتجنب القلي، لتجنب الدهون المتحولة وأيضًا لتقليل السعرات الحرارية.
- ابتعد عن الأطعمة المعلبة
تحتوي الأطعمة المعلبة دائمًا على الزيوت المهدرجة، لذلك يتحتم عليك الامتناع عن تناول تلك الأطعمة، وإعداد طعامك بنفسك في المنزل.
- أعد وجباتك الخفيفة بنفسك
تعد الوجبات الخفيفة جزءًا مهمًا من أي نظام غذائي صحي متوازن، إذ إنها تقيك من الجوع المفرط وتمنع انخفاض السكر
في الدم، لكن تكمن المشكلة في أن العديد من الوجبات الخفيفة مصنوعة من الزيت المهدرج جزئيًا.
لذلك اختر وجباتك الخفيفة المشبعة بشرط أن تكون خالية من الدهون المتحولة، مثل:
- المكسرات.
- الجزر.
- شرائح التفاح.
- الموز.
- الزبادي العادي.
بدائل الزيوت المهدرجة

يمكن استخدام بدائل الزيوت المهدرجة لتجنب أضرارها، تشمل هذه البدائل الزيوت النباتية السائلة الطبيعية غير المشبعة
مثل زيت الزيتون وزيت الكانولا وزيت الذرة وزيت الصويا.
الزيوت المهدرجة والسمنة
توجد علاقة وثيقة بين الزيوت المهدرجة والسمنة؛ إذ إن هناك العديد من الدراسات التي أثبتت أن الدهون المتحولة تسبب زيادة الوزن وكذلك زيادة ترسبات الدهون في البطن.
الزيوت المهدرجة من أخطر المكونات على صحة الإنسان، لذلك يجب علينا تجنبها قدر الإمكان، واستخدام البدائل الممكنة لها، واتباع نظام غذائي صحي يضمن لنا التمتع بصحة سليمة.