تُقدَّر نسبة المصابين بالصداع النصفي عالميًا بحوالي 10% طبقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO) عام 2019. وتتركز النسبة الأكبر من المصابين في شمال أمريكا، ثم تليها وَسَط وجنوب أمريكا، وأوروبا وآسيا وإفريقيا.
والمثير للدهشة هو حدوث نحو 3000 نوبة من الصداع النصفي لكل مليون شخص حول العالم كل يوم.
ما هو الصداع النصفي؟
حالة مرضية تستهدف أحد نصفي الدماغ مسببة ألمًا تتراوح شدته بين الحاد والشديد، وعادةً ما يكون مصحوبًا ببعض الأعراض الحسية الأخرى، ويختلف عن الصداع العادي.
الأعراض:
عادةً ما تظهر الأعراض على مراحل، وهي:
ما قبل الصداع:
تُظهر الأبحاث أن أغلب الأشخاص يعانون أعراضًا سابقةً للنوبة، التي قد تستغرق عدة ساعات أو أيامًا. وتتنوع هذه الأعراض بين الجسدية أو الحسية، مثل: الأوْرَة.
خلال الصداع:
تتزامن هذه الأعراض مع وقت حدوث النوبات، وتظهر في صورة الصداع النابض، أو الشعور بخفقان خفيف إلى حاد، الذي يزداد إيلامًا عند الحركة وقد تظهر أعراضٌ أخرى، مثل: الغثيان، أو القيء، أو احتقان الأنف.
أعراض ما بعد الصداع:
من المحتمل أن يستمر الإحساس بالإرهاق وعدم الارتياح لمدة يومين آخريْن بعد انتهاء النوبة.
بعض الأعراض الأخرى الشائعة:
- ألم في الدماغ، يزداد سوءًا عند أداء المهام اليومية.
- يسبب الألم عدم القدرة على ممارسة الأنشطة اليومية المعتادة.
- زيادة الحساسية تجاه الضوء والأصوات.
وقد تظهر بعض الأعراض الأخرى، مثل:
- التعرق.
- تغيرات في درجة حرارة الجسم.
- ألم معدي.
- إسهال.
- صعوبة في التركيز.
أنواع الصداع النصفي:
صداع نصفي مصاحب للأوْرَة
الأوْرَة هي اضطرابٌ إدراكي للحواس، يصاب بهذا النوع نحو 25% ممن يعانون الصداع النصفي، ويسمى (بالصداع التقليدي) أو (الصداع المعقد). ووفقًا لجمعية الصداع الدولية، فإن من يعانون هذا النوع، تظهر لديهم نوبتين على الأقل تتسم بهذه الخصائص:
- الأوْرَة الانعكاسية، وتتضمن واحدًا على الأقل من هذه الأعراض:
- اضطرابات حسية بالجسم، والوجه، أو اللسان، مثل: التنميل، والدوار.
- صعوبة النطق.
- اضطرابات حركية، التي قد تستمر حتى 72 ساعة.
- اضطرابات الرؤية في عين واحدة فقط، التي تتضمن رؤية ومضات ضوئية، وعمى مؤقت (الصداع النصفي الشبكي).
- أعراض متعلقة بجذع الدماغ، التي تتضمن:
(طنينًا في الأذنين، وازدواجية الرؤية، ونقص الوعي، وصعوبة السمع والتوازن).
- الأوْرَة التي تتضمن على الأقل اثنين من هذه الأعراض:
- يظهر عَرَض واحد على الأقل من الأوْرَة في جانب واحد من الدماغ.
- يستمر كل عرض لمدة تتراوح من 5 دقائق إلى ساعة.
- ينتشر العرض الواحد خلال 5 دقائق تقريبًا.
- تحدث مصاحبة لصداعٍ قبل نوبة الصداع النصفي بنحو ساعة.
صداع نصفي دون أوْرَة
يُعد النوع الأكثر شيوعًا، فمعظم من يعانون الصداع النصفي لا تظهر لديهم أعراض الأوْرَة، ووفقًا لجمعية الصداع الدولية، فإن من يعانون هذا النوع، تظهر لديهم خمس نوبات على الأقل تتسم بهذه الخصائص:
- لا يحدث بسبب مشاكل مرضية مسبقة.
- عادة ما تستمر نوبات الصداع لمدة تتراوح من 4 إلى 72 ساعة إذا لم يُعالج، أو أن العلاج لم يُحسن الأعراض.
- يتسم الصداع باثنتين على الأقل من هذه الخصائص:
- يتركز في جانب واحد من الرأس.
- يظهر الألم في صورة خفقان أو نبض.
- يُصنف مستوى الألم بين المتوسط والحاد.
- يسوء الألم عند الحركة، والوقوف.
- يتسم الصداع بواحدة على الأقل من هذه الخصائص:
- حساسية للضوء.
- حساسية للصوت.
- إحساس بالغثيان (قد يصحبه قيء أو إسهال).
صداع نصفي مزمن:
يحمل خصائص الصداع النصفي وصداع التوتر، لذا يسمى (بالصداع المختلط). وقد يسببه الإفراط في تناول الأدوية. من يصابون بهذا النوع عادةً ما يعانون:
- الإحساس بألم مزمن آخر، مثل: التهاب المفاصل.
- مشكلات صحية أخرى خطِرة، مثل: ارتفاع ضغط الدَّم.
- إصابات سابقة في الرقبة أو الرأس.
- الاكتئاب.
صداع نصفي حاد
يستمر لمدةٍ أقل من الصداع النصفي المزمن.
دوار الصداع النصفي
يصاب 40% ممن يعانون الصداع النصفي بالدوار، ويصاب به جميع الأعمار -الكبار والأطفال- وتظهر أعراضه في شكل: دوار وصعوبة في التوازن.
صداع نصفي بصري
تعرِفه جمعية الصداع العالمية على أنه نوبات تحدث فيها مشكلات بصرية انعكاسية ومؤقتة في عين واحدة فقط، أعراضه:
- ومضات ضوئية.
- نقاطٌ عمياء أو عمى جزئي.
- حدوث عمى في عين واحدة.
عادةً ما تظهر الاضطرابات البصرية في غضون ساعة من الإصابة بالصداع، ولا يحدث بسبب مشكلة سابقة في العين.
صداع نصفي مرتبط بفترة الدورة الشهرية
يصيب هذا النوع حوالي 60% من النساء اللاتي عادةً ما يعانين من أي نوع من أنواع الصداع النصفي، ولا يشترط أن يكون مصحوبًا بأعراض الأوْرَة. من الممكن الإصابة به خلال فترة التبويض أو قبل الدورة الشهرية أو بعدها.
صداع نصفي هرموني

يرتبط هذا النوع بهرمونات الأنوثة خاصةً هرمون الإستروجين، وتظهر النوبات خلال:
- الحمل.
- الأيام القلائل الأولى بعد التوقف عن تناول الأدوية المحتوية على هرمون الإستروجين.
- خلال فترة التبويض.
- قبل الدورة الشهرية.
- خلال الدورة الشهرية.
في حال أنكِ تتابعين تناول أدوية هرمونية، ويشق عليكِ احتمال ألم النوبات مرة بعد أخرى، تحدثي إلى طبيبك المعالج عن الخيارات المتاحة، ومنها : تغيير نوع الهرمونات، أو تعديل الجرعة.
الأسباب:

لم يُتَوَصل إلى أسباب حدوث نوبات الصداعِ النصفي حتى الآن، لكن يفترض أنها تنشأ من تغيرات بالدماغ تؤثر على الأوعية الدموية، وتوازن المواد الكيميائية والنواقل العصبية، وطريقة تواصل الأعصاب.
وتلعب التأثيرات الجينية دورًا أيضًا، فإصابة أحد أفراد عائلتك بالصداعِ النصفي المزمن، يزيد عوامل الخطورة عندك.
تتنوع المسببات، لكنها تتضمن:
- التغيرات الهرمونية، مثل: قبل أو خلال الدورة الشهرية.
- الاضطرابات النفسية، مثل: التوتر، والاكتئاب، والقلق.
- عوامل التغذية، مثل: الكافيين، والشيكولاتة، والجبن، والفواكه الحمضية، والأطعمة المضاف لها مادة التيرامين.
- الأدوية، مثل: أدوية الهرمونات البديلة، والمنومات.
- عوامل بيئية، مثل: الضوضاء العالية، والأضواء الصاخبة، وتغيرات درجات الحرارة، والروائح النفاذة.
بعض المسببات الممكنة الأخرى:
- الإرهاق.
- قلة النوم.
- المجهود البدني الشديد.
- ضغط الدَّم المنخفض.
- عدم انتظام أوقات تناول الوجبات.
- الجفاف.
عوامل الخطورة:
- الاكتئاب.
- اضطراب ثنائي القطب.
- اضطرابات النوم.
- اضطراب الوسواس القهري.
- التوتر.
- فرط نشاط المثانة (Overactive bladder syndrome).
- الألم العضلي التليُّفي.
العلاج:
لا يوجد علاج للصداع النصفي، لكن الأدوية تُحسن الأعراض وتُسكن ألم النوبات.
بعض الأدوية الموجودة في الصيدلية ويمكن شراؤها دون وصفة طبيب:
- نابروكسين.
- ايبوبروفين.
- باراسيتامول.
العلاجات المنزلية:
في حال إصابتك به، ننصحك بأن:
- تجلس في غرفة هادئة مظلمة.
- تنام وتأخذ قسطًا من الراحة.
- تتناول الأدوية الموصوفة لك من قبل الطبيب المختص.
الصداع النصفي عند الأطفال:

لا يُستثنى الأطفال من الإصابة به وغالبًا ما تلعب الوراثة الدور الأكبر في إصابة الأطفال، فنحو 70% من الأطفال المصابين، لديهم تاريخ عائلي من الإصابة بالصداعِ النصفي.
الصداع النصفي وكورونا:
أصدرت منظمة الصحة العالمية تقريرًا عن أعراض الحالات المصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19). وفقًا للتقرير فإن حوالي 14% من المصابين بفيروس كورونا يعانون الصداع، لكن الصداع مصطلح أوسع من مجرد حصره على الصداعِ النصفي. فمن المحتمل أن تظهر أعراضه على المصاب بفيروس كورونا وربما يظهر عليه أعراض الصداع العادي.
ولكي تقي نفسك من الإصابة بالصداع النصفي، إليك هذه النصائح:

- تعرَّف على المسببات وحاول تجنب التعرض لها.
- لا تغفل عن حاجتك اليومية من الماء، حافظ على شرب لترين على الأقل من الماء يوميًا.
- لا تُفوت تناول الوجبات، واتبع نظامًا غذائيًا صحيًا.
- احصل على كفايتك من النوم.
- أقلع عن التدخين في حال كنت مدخنًا.
- قلل مسببات التوتر والقلق في حياتك، وتعلم كيف تتعامل معها.
- تعلم كيف تسترخي.
- مارس الرياضة باستمرار.
نصائح غذائية للحد من الإصابة بالصداع النصفي:
- تناول الحبوب الكاملة، فهي تحتوي على نسبة أكبر من الألياف والمعادن. ابدأ تدريجيًا باستبدال الأرز الأبيض والمعكرونة والعيش الأبيض ببدائل أخرى صحية.
- تناول الدهون الصحية، وقلل من تناول الدهون المهدرجة والمشبعة.
- احرص على أن يكون للأسماك والأطعمة البحرية حظًّا من نظامك الغذائي؛ فهي غنية بالأوميجا 3.
- تجنب الأطعمة التي تزيد شدته، مثل: الشيكولاتة والكافيين، والجبنة.
- استبدل المشروبات السكرية بالماء.
- لا تتخطَّ تناول الوجبات خلال اليوم.
- قلل استهلاكك من الصوديوم، تحتوي اللحوم المصنعة والمشروبات الغازية والوجبات الخفيفة، مثل: رقائق الشيبسي على نسبة عالية من الصوديوم.
- تعلم إعداد بعض الوصفات الصحية.
ختامًا، لنوبات الصداع الأثر الملحوظ على حياة المصابين به، وعادةً ما تعيقهم عن أداء المهام اليومية، ننصحك بأن تتابع حالتك باستمرار مع طبيبٍ مختص، وتتناول الأدوية الموصوفة لك.
ونتمنى السلامة والعافية للجميع.