استيقظت من النوم على آلام شديدة أعلى جانبي الأيمن، تناولت دواءً مسكنًا لكن دون أي جدوى، فالألم في تزايد مستمر حتى أصبح لا يطاق.
استيقظ زوجي على صوت أنيني الذي سرعان ما تحول إلى صراخ، اصطحبني مسرعًا إلى المستشفى ودخلت الطوارئ.
بعد الفحص السريري وعمل الأشعة التلفزيونية، أخبرني الطبيب أنني أعاني حصى المرارة، ولا بد أن أُجري عملية جراحية لاستئصال المرارة في أسرع وقت.
صدمت مما سمعت ولكن لم يكن هناك وقتًا لأي أسئلة؛ فقد أخبرني الطبيب أن القناة المرارية قد سُدَت. وأجريت الجراحة على الفور.
هل مررت بهذه التجربة من قبل أو شخص عزيز عليك؟ تسمع كثيرًا عن حصيات المرارة لكنك لا تعرف أسبابها أو طرق علاجها.
سنجيب في طيبات عبر هذا المقال عن جميع تساؤلاتك، فابق معي عزيزي القارئ.
ما المرارة؟
بدايةً لنعرف معًا ما المرارة؟ هي عضو صغير كمثري الشكل يقع تحت الكبد مباشرة وأعلى تجويف البطن الأيمن.
تحتفظ بالعصارة الصفراوية التي ينتجها الكبد؛ للمساعدة على هضم الطعام من خلال تكسير الدهون،
فقبل الوجبات تمتلئ بهذه العصارة وتتخذ شكل كمثري.
عند وصول الطعام للأمعاء الدقيقة، تفرز هذه العصارة لتصل للأمعاء من خلال قنوات صغيرة تسمى القنوات المرارية.
بعد الوجبات ترتخي وتصبح خالية تمامًا من أي عصارة.
حصى المرارة

تتكون العصارة الصفراوية من مواد كيميائية، مثل: الأملاح الصفراوية والدهون (الكوليسترول)، والبيليروبين ’’Bilirubin‘‘ الذي ينتج من تكسير خلايا الدم الحمراء.
حصى المرارة هي بلورات تتكون من ترسبات المواد الكيميائية الموجودة في العصارة الصفراوية، يتباين حجمها من حجم حبة رمل إلى حجم كرة الغولف.
تنقسم إلى أنواع منها:
- حصيات الكوليسترول: هي النوع الشائع؛ إذ تتكون الغالبية العظمى من الحصى من ترسبات الكوليسترول بنسبة 80%، لونها أصفر مخضر.
- حصيات البيليروبين: أغمق في اللون من حصيات الكوليسترول وأصغر في الحجم.
أسباب حصى المرارة
لم يُعرف حتى الآن أسبابها ولكن أكثر النظريات شيوعًا، هي وجود عدم توازن أو زيادة نسب المواد الكيميائية المكونة للعصارة الصفراوية.
قد تتكون بسبب:
- زيادة نسبة الكوليسترول الذي يفرزه الكبد؛ فلا تستطيع عصارة المرارة إذابته فيكون حصيات.
- زيادة نسبة البيليروبين الخارج من الكبد؛ بسبب بعض الأمراض مثل تليف الكبد فتصبح نسبته عالية جدًا؛ مما يؤدي إلى ترسبه وتكوين الحصى.
- فشل المرارة في إفراز العصارة إلى الأمعاء الدقيقة؛ فتتركز المواد الكيميائية بها وتزيد فرصة تَكَّون الحصيات.
عوامل الخطورة التي تزيد من فرص تكوين حصى المرارة
تزيد فرص تكوين هذه الحصوات بوجود عدة عوامل، وتشمل:
- زيادة الوزن أو السمنة.
- زيادة السن عن 40 عامًا.
- تحدث في النساء أكثر من الرجال.
- عدم ممارسة التمارين بانتظام.
- الحمل.
- اتباع حمية غذائية عالية الدهون والكوليسترول.
- اتباع حمية غذائية قليلة الألياف.
- تناول أدوية تحتوي على هرمون الإستروجين، مثل: موانع الحمل والعلاج بالهرمونات البديلة.
- الإصابة بمرض السكري.
- الإصابة ببعض أمراض الأمعاء.
- العائلات ذات التاريخ المرضي بحصى المرارة.
- الإصابة بأمراض الدم، مثل: سرطان الدم ومرض فقر الدم الانحلالي.
- الإصابة بأمراض الكبد، مثل التليف.
- فقدان الوزن السريع.
- تناول أدوية لخفض نسبة الكوليسترول في الدم.
النساء بعد انقطاع الطمث هن الأكثر عرضة لحصى المرارة، خاصة إذا كن يعالجن بالهرمونات البديلة. بالإضافة للحوامل بسبب ارتفاع نسبة هرمون الإستروجين في الدم لديهن.
أعراض حصى المرارة

قد تكون لديك حصيات في المرارة ولا تشعر بأعراض على الإطلاق، فهي نفسها لا تسبب أعراضًا ولكن عندما تتحرك أو تسد قناة من القنوات المرارية تظهر الأعراض.
قد تكون الأعراض شديدة وسريعة الحدوث ومفاجئة، وقد تكون متوسطة الشدة تأتي على شكل نوبات خاصة بعد تناول وجبة دسمة.
تشمل الأعراض ما يلي:
- ألم شديد جدًا ومفاجئ في منطقة أعلى البطن تحت الضلوع ناحية الجانب الأيمن.
- ألم قوي جدًا في الكتف الأيمن والظهر.
- الغثيان والقيء.
- آلام بالمعدة.
- عسر الهضم والغازات والحموضة.
يستمر الألم عادة من دقائق معدودة وحتى عدة ساعات، ويجب عليك الذهاب للطبيب عند الشعور بأي ألم شديد في منطقة أعلى البطن.
لا بد من الذهاب إلى الطبيب فورًا عند ظهور أي من هذه الأعراض:
- استمرار الألم لساعات طويلة.
- الألم القوي الذي لا يهدأ أبدًا.
- اصفرار لون الجلد أو العينين (اليرقان).
- حمى ورعشة في الجسم.
- بول ذو لون داكن.
لا تتردد في الذهاب لأقرب مستشفى عند ظهور أي من هذه الأعراض؛ فقد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة إذا لم تعالج.
مضاعفات حصى المرارة

قد يسبب حصى المرارة مضاعفات خطيرة، فعندما تسد هذه الحصوات القنوات المرارية تسبب العديد من المضاعفات التي تهدد الحياة وهي:
التهاب المرارة ’’Cholecystitis‘‘
يمنع انسداد القنوات المرارية المرارة من إفراز عصارتها للأمعاء؛ مما يؤدي إلى التهاب المرارة وقد تنفجر إن لم تُعالج على الفور.
التهاب البنكرياس ’’Pancreatitis‘‘
تمر القنوات المرارية بالبنكرياس في طريقها للاثنى عشر ثم الأمعاء. إذا كان الانسداد في قناة البنكرياس التي تمر من خلالها إنزيمات البنكرياس إلى الأمعاء الدقيقة؛ فيلتهب مسببًا ألمًا شديدًا ولا بد من العلاج السريع.
التهاب القنوات المرارية والصفراء ’’Jaundice‘‘
تلتهب القنوات بسبب انسدادها وتسبب الحمى والصفراء أو اليرقان، التي تحتاج إلى العلاج على الفور.
حصى المرارة والحمل
النساء أكثر عرضة للإصابة بحصى المرارة وخاصة الحوامل؛ بسبب ارتفاع مستوى هرمون الإستروجين في الدم لديهن.
ينظم هرمون الإستروجين مستوى الكوليسترول في الدم، وعند زيادته تزداد نسبة الكوليسترول ويؤدي إلى تكوين حصى المرارة.
بالإضافة لقلة تقلصات المرارة في أثناء الحمل؛ مما يؤدي إلى الركود الصفراوي في الحمل، أي صعوبة مرور العصارة الصفراوية من المرارة للأمعاء.
يسبب هذا الركود العديد من المضاعفات الخطيرة، مثل:
- تبرز الجنين قبل الولادة؛ مما يؤثر على تنفسه.
- ولادة جنين ميت.
- الولادة المبكرة.
أعراض حصى المرارة في أثناء الحمل تتشابه مع الأعراض الشائعة لحصيات المرارة، لكن تختلف في وجود حكة شديدة في الجسم.
قد يصف الطبيب بعض الأدوية لعلاج الركود في الحمل؛ إذا كانت الحامل تعاني الحكة الشديدة.
لا يصف الطبيب أي أدوية إن كانت أعراض حصوات المرارة محتملة، أما إذا سببت التهابات بالمرارة والبنكرياس قد يضطر الطبيب لاستئصال المرارة جراحيًا.
علاج حصى المرارة
لا تحتاج إلى علاج إذا لم توجد أعراض، أو توجد أعراض متوسطة الشدة تأتي في شكل نوبات كل فترة.
أحيانًا تخرج هذه الحصى من الجسم دون الإحساس بها، لكن إذا حدث انسداد في القنوات المرارية لا بد من استئصال المرارة.
قد يصف الطبيب بعض الأدوية لتذويب حصى المرارة؛ إن كان هناك ما يمنع إجراء الجراحة، ولكن هذه الأدوية ليست فعالة بالكامل.
يعتمد العلاج أيضًا على اتباع حمية غذائية متوازنة، وتغيير نمط الحياة.
تغذية مريض حصى المرارة

يجب اتباع حمية غذائية متوازنة العناصر الغذائية، والابتعاد عن الوجبات الدسمة أو التقليل منها، والامتناع عن الوجبات السريعة.
لا يمكن الاعتماد على الخضروات والفواكه فقط؛ حتى لا تفقد وزنك بسرعة وتزيد من مشكلة الحصى. لذلك النظام الغذائي المتوازن أفضل حل.
فيما يلي بعض الأكلات التي تساعد على تحسين صحتك وتخفف من التهاب المرارة:
- الخضروات الطازجة مثل الفلفل الحلو والطماطم.
- الفواكه الحمضية.
- الحبوب الكاملة.
- الخضروات الورقية.
- منتجات الألبان منزوعة الدسم.
- الأسماك والمأكولات البحرية.
- المكسرات.
- البقوليات.
- اللحوم الحمراء قليلة الدهون.
- البذور.
- الدواجن.
- بدائل منتجات الألبان مثل لبن الصويا.
ابتعد تمامًا عن الدهون المشبعة، فيمكنك استخدام زيت بذر الكتان أو زيت الزيتون. بالإضافة للحوم المصنعة فلا يوجد لها أي فوائد بل كلها أضرار.
بعض الأكلات تزيد من حصى المرارة مثل:
- الأطعمة المصنعة.
- منتجات الألبان كاملة الدسم.
- الحبوب المكررة مثل الطحين الأبيض.
- اللحوم التي تحتوي على الكثير من الدهون.
- الأطعمة المقلية.
- السكر والمحليات الصناعية.
- الشيكولاتة.
- الأطعمة الدسمة.
يمكنك أيضًا ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وإنقاص وزنك إن كان زائدًا.
فقد يسبب حصى المرارة ألمًا شديدًا ومضاعفات خطيرة، لكن مع اتباع نمط حياة صحي وحمية غذائية متوازنة العناصر، يمكنك التخفيف من آلامها.