أول ما يتبادر للذهن عند سماع كلمة “دوالي” أنها في الساق أو الفخذ، وتستطيع رؤيتها، لكن ماذا عن دوالي المريء التي لا يمكن ملاحظتها إلا بعد أن تنفجر مسببة إخراجًا دمويًا؟ متى تظهر؟ ومَن الذي يعاني منها؟ وكيف تُعالَج؟ وما طعام مريض دوالي المريء؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه في هذا المقال.
ماهي دوالي المريء؟ وكيف تتكون؟

تؤدي أمراض الكبد المزمنة إلى ظهور ندوب في الكبد، حيث تحل أنسجة ليفية متصلبة محل الأنسجة الصحيحة للكبد، مما يؤدي إلى إعاقة تدفق الدم الداخل للكبد عبر الوريد البابي. هذا الوريد مسؤول عن إدخال 75% من الدم للكبد ذو النسيج الإسفنجي، حيث ينقي الكبد هذا الدم من السموم، ثم يخرج لبقية أجزاء الدم عن طريق الوريد الكبدي.
وتؤدي زيادة الندوب على الكبد لدى أصحاب أمراض الكبد المزمنة إلى تليف للكبد، وهذا يعني تصلب النسيج الاسفنجي للكبد، فلا يستطيع الدم الدخول للكبد بسلاسة عبر الوريد البابي، ومن ثَمَّ يزيد ضغط الدم البابيّ، ثم يتصرف في الأوعية والشعيرات الدموية القريبة، ويسبب انتفاخًا في جدرانها لأنها غير مُعدّة لتحمل هذا الضغط. وهذا يعني أن ارتفاع الضغط الوريدي البابي كوَّن دوالي (أي أوردةً منتفخةً) أسفل المريء تسمى “دوالي المريء”، بجانب دوالي المعدة التي تسبب نفس الأعراض تقريبًا.
من هم المُعرضون للإصابة بدوالي المريء؟
عادة ما تظهر دوالي المريء إذا أُعيق الدم الداخل من الوريد البابي إما بوجود جلطة فيه أو في الوريد الطحالي، أو إذا حدث تليف للكبد بسبب أحد أمراض الكبد المزمنة. وفي الحالتين (جلطة الوريد البابي وتليف الكبد) يسبب ارتفاع الضغط البوابي في ظهور الدوالي.
ونادرًا ما تحدث الإصابة بدوالي المري في حالتي البلهارسيا، و(متلازمة بَد-كِيَاري)، وهما من أمراض الكبد الطفيلية. إلا أن تليف الكبد هو أكثر الأسباب شيوعًا للإصابة بدوالي المريء.
أعراض دوالي المريء
عادةً لا تظهر لهذه الدوالي أعراض ما دامت من الدرجة الأولى والثانية، أما الدرجتين الثالثة والرابعة فقد تظهر بعض الأعراض مثل: صعوبة البلع، والقيء الدموي.
لذا غالبًا ما يطلب الطبيب فحصًا لمرضى تليف الكبد بالتصوير المقطعي المحوسب، أو أشعة دوبلر للوريد البابي والطحالي، أو أشعة فوق صوتية للخلايا المرنة للكبد؛ لقياس مدى تليف الكبد المسبب لارتفاع ضغط الدم الوريدي البابي.
الطريقة الأخرى هي بالتنظير الداخلي، إما باستخدام مناظير كبسولية يبلعها المريض، وتكشف عن دوالي المريء، أو مناظير أنبوبية رفيعة تستخدم للكشف عن وجود بقع حمراء، أو دوالي بارزة وقياسها. فإن كانت أكبر من 5 ملم تقريبًا يربطها الطبيب بأربطة مرنة، وتسمى هذه العملية الأخيرة بعملية ربط دوالي المريء، وهي مهمة لتجنب أخطر أعراض هذه الدوالي وهو النزيف الناتج منها، أو لوقف النزيف إن حدث.
أعراض نزيف دوالي المريء
- وجود دم في القيء.
- ألم في المعدة.
- خروج دم من المستقيم
- براز دموي، أو براز أسود.
- الدوخة والإغماء في بعض الحالات (الصدمة).
طعام مريض دوالي المريء

في البداية يؤكد الأطباء على ضرورة التغذية المتوازنة للصحيح قبل المريض، إلى جانب ممارسة الرياضة كلّ حسب حالته.
والطعام المتوازن يعني أخذ كفايتك من البروتين الحيواني أو النباتي حسب وزنك، والإكثار من الخضراوات والفاكهة (خمس حصص في اليوم تقريبًا)، وتناول الدهون الصحية مثل زيت الزيتون.
فإذا أخذنا في الحسبان أن مريض دوالي المريء هو مريض مُصاب بتليف الكبد غالبًا، أو بأحد أمراض الكبد المزمنة عمومًا، فهذا يعني أن علينا أولًا الانتباه للغذاء المناسب لمرضى الكبد، إلى جانب الانتباه لبعض المحاذير الكبرى في الطعام والشراب؛ للحد من تلف الكبد، وللوقاية من التعرض لنزيف ناتج من دوالي المريء، أو لوقف النزيف إن حدث قدر الإمكان
ما يجب على مريض دوالي المريء تجنبه
- شرب الكحوليات، والتدخين.
- المشروبات الغازية، ومشروبات الطاقة.
- الإفراط في الملح (كلوريد الصوديوم)، أوالأغذية المُعلبة.
- الأطعمة المُعالَجة، والوجبات السريعة.
- الأطعمة المقلية، والدهون غير الصحية.
- الأطعمة المُنتجة من الدقيق الأبيض والسكرالمُكرر.
- اللحوم النيئة أو غير المطهية جيدًا.
- الأطعمة القاسية، والخضراوات الصلبة، والقطع الكبيرة من الطعام التي قد تتسبب جرح الأوعية الدموية للمريء.
- البهارات الحارة، والطعام الحمضي الذي قد يهيج المريء.
- الحد من تناول مسكنات الألم، والمضادات الحيوية، والأدوية عمومًا دون إشراف الطبيب.
- التوقف عن رفع الأثقال، أو ممارسة الرياضة عالية الجهد مثل الجري وركوب الدراجات. والاكتفاء بالمشي الخفيف بعد استشارة الطبيب.
ماذا يأكل مريض دوالي المريء؟
1- البروتينات: يتناول منها ما يوصي به الطبيب حسب حالته، وهي مهمة للغاية للحفاظ على كتلته العضلية، ومساعدته على استعادة عافيته. وتتنوع مصادر البروتين، فمنها البروتين الحيواني مثل: البيض، ومنتجات الألبان، واللحوم (ويفضل أن تكون قليلة الدهن) والأسماك، أو البروتين النباتي مثل: المكسرات، والبقوليات، والحبوب.
2- الكربوهيدرات: ويمكن الحصول عليها من الخضراوات النشوية مثل: البطاطس والبطاطا، أو الحبوب الكاملة مثل: الأرز، والقمح، والذرة، والكينوا، ومنتجاتهم، ومن الفاكهة خصوصًا التوتيات والتين الشوكي والبابايا.
3- الدهون الصحية: غير المشبعة مثل: زيت الزيتون، وزيت الأفوكادو، وبعض الدهون المشبعة مثل: الزبدة، والسمن الحيواني الطبيعي، وزيت جوز الهند، إلى جانب المكسرات.

متى يأكل المريض بعد عملية ربط دوالي المريء؟
اختلف الأطباء في التوقيت المناسب لتقديم الطعام الصلب للمريض هل هو بعد العملية بأربع ساعات؟ أم بعد صيام المريض لمدة 24 ساعة؟ ويوصي بعضهم بتقديم الطعام الصلب للمريض بعد صيام 48 ساعة.
كما أن التدرج المُتبع في تغذية المريض هو أن يُقدم لهُ أولاً الماء والعصيرات الرائقة بعد الإفاقة، ثم العصيرات الغنية (في حالة الصيام عن الطعام الصلب لمدة 24 ساعة)، وصولًا للطعام المهروس والطري بطبيعته مثل الزبادي، ثم الصلب المطهي جيدًا.
إلا أن أحدث الدراسات أثبتت أن الأفضل هو تناول المريض للطعام الصلب بعد 4 ساعات من إفاقته من عملية ربط دوالي المريء، وشربه للماء والسوائل الرائقة هذه الفترة.
الأكل بعد ربط دوالي المريء
هذه بعض الإرشادات لكيفية تناول الطعام بعد ربط دوالي المريء:
- تقسيم الوجبات إلى وجبات صغيرة تتراوح من أربع إلى ست وجبات يوميًا.
- عدم الإفراط في طعام الإفطار.
- الحرص أن تكون درجة حرارة الطعام والشراب معتدلةً.
- تناول الماء والمشروبات بجرعات بسيطة، وبعد تناول الوجبات بنصف الساعة.
- تناول المشروبات الغنية والمأكولات الغنية بالسعرات بين الوجبات.
- الحرص على أن يكون نظامه الغذائي قليل الدهون، وقليل الملح (يمكن استبدال الملح بطرق متعددة).
- الابتعاد عن مسببات الانتفاخ ومثيرات الجهاز الهضمي.
- تناول الطعام والشراب في وضعية الجلوس مستقيمًا، وببطء.
ويختلف كل مريض عن الآخر فيما يمكن أن يأكله من أصناف حسب تقبل مريض لنوعيات الطعام، فمثلًا ما يسبب الانتفاخ لشخص ما قد لا يسببه لشخص آخر، كما تتدخل عوامل أخرى في اختيار أصناف الطعام تحديدًا لكل مريض، مثل حساسيته تجاه أنواع معينة، وسنه، وحالته، ومناعته، والأدوية التي يتناولها. لكن ما ذكرناه هو إرشادات عامة قد تساعد، ولا تُغني عن إرشادات الطبيب المختص.