يُعد لين العظام (Osteomalacia) أو تلين العظام أو ما يعرف باسم “الكُساح” من الأمراض الشائعة بين الأطفال، ويحدث نتيجة نقص فيتامين D (وعادةً يصاحبه نقص في الكالسيوم)، وهما ضروريان لبناء العظام والحفاظ على صحتها. ويؤدي ذلك إلى ضعف العظام والتأثير على نموها، مما يجعلها عرضة للكسر. ولا يقتصر الأمر على الأطفال، إذ يؤثر هذا المرض على الكبار أيضًا.
فما هو لين العظام؟ وما هي أعراضه وأسبابه؟ وما هو تحليل لين العظام؟ وكيف يُعالج؟ وما الفرق بينه وهشاشة العظام؟ وما هي خطورة لين العظام عند الأطفال؟ وكيف يمكن الوقاية منه؟ وهل يوجد أكلات لعلاج لين العظام؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه في هذه المقالة.
ما هو لين العظام؟
يُشير لين العظام إلى تلين ملحوظ في عظام الجسم، مما يؤدي إلى آلام بها، وانحنائها، وفي بعض الحالات تعرضها للكسر.
وقد تبدو العظام -في هذه الحالة- ذات هيئة صلبة، إلا أنها تتكون في معظمها من الكولاجين (المادة التي تُصنَّع منها أجزاء الجسم المرنة مثل الجلد والأوتار). وتتصلب العظام عندما يترسب في تلك الطبقة -طبقة الكولاجين-، طبقة مكونة من الكالسيوم والفوسفات، في عملية تسمى التمعدن (Mineralization). فكلما زادت طبقة المعادن تلك، زادت صلابة العظام.
وتُكوَّن عظام جديدة في الجسم طيلة الوقت. فإذا لم تترسب المعادن على نحو صحيح، تصبح العظام ناعمة (ليِّنة)، مما يعرضها للانحناء والكسر.
وفي ما يخص الفرق بين لين العظام وهشاشة العظام، فلين العظام هو ضعف في العظام ينشأ في أثناء بنائها وتشكيلها، فيميل للحدوث في سن صغيرة، أما هشاشة العظام، فهي ضعف العظام الحية التي تكونت بالفعل ويُعاد تشكيلها، ويميل للحدوث في سن كبيرة. ولنوضح ذلك بطريقة أخرى، في هشاشة العظام تكون العظام مسامية وهشة؛ نتيجة نقص عنصر الكالسيوم، أما في لين العظام، تكون العظام رخوة.
أعراض لين العظام

من أهم أعراض لين العظام، ما يلي:
- الشعور المستمر بالتعب.
- وجود ألم في العظام، خاصة في الوركين.
- صعوبة في المشي.
- ضعف العضلات، وخاصة عضلات الورك والأرداف.
- تشنج العضلات وتقلصها.
وقد تؤدي الحالات الشديدة من لين العظام إلى:
- تشوه العظام (مثل: انحناء العظام الطويلة).
- الكسور الكاذبة (وخاصة في العظام الداعمة للوزن، مثل: عظام القدمين والحوض).
- كسور العظام (وخاصة بعد حدث لا يستدعي مثل تلك العواقب، مثل: سقوط بسيط لشخص في منتصف العمر).
أسباب لين العظام
يعد نقص فيتامين D وعنصري الكالسيوم والفوسفات الأسباب الرئيسة لحدوث لين العظام. إذ يمكن لنقص الكالسيوم في الدم أن يُسبب ضعف العظام ولينها. وعادةً ما يكون انخفاض مستوى فيتامين D (الذي يؤدّي دورًا مهمًا في امتصاص الكالسيوم) في الدم هو سبب انخفاض الكالسيوم.
يمتص فيتامين D من الطعام أو يُنتجه الجلد عن تعرضه لأشعة الشمس. ويحدث النقص في مستوياته في الأشخاص المعرضين لما يلي:
- العيش في مناخ يقل فيه التعرض للشمس.
- العمل في منأى عن ضوء الشمس في أثناء ساعات النهار.
- ارتداء ملابس تغطي كامل بشرتهم طوال الوقت.
- استخدام الأنواع القوية جدًا من واقيات الشمس.
وفي ما يخص النظام الغذائي، فقد تنخفض مستويات فيتامين D لديك إذا كنت:
- تعاني عدم تحمل اللاكتوز.
- تمتنع عن تناول منتجات الألبان.
- تتَّبع نظامًا غذائيًا نباتيًا.
- غير قادر على امتصاص فيتامين D على نحو جيد، كما هو الحال بعد إجراء جراحة المجازة المَعِدية (Gastric Bypass Surgery).
ومن أسباب لين العظام الأخرى، التعرض لكل من الحالات الآتية:
- نقص الفوسفات في النظام الغذائي.
- بعض اضطرابات الجهاز الهضمي والكلى.
- أمراض الكبد (إذ يفشل الكبد في تحويل فيتامين D إلى صورته النشطة).
- السرطان (قد تسبب بعض الأورام النادرة انخفاض مستوى الفوسفات في الكلى).
- بعض الحالات الوراثية النادرة.
- تناول أدوية معينة فترات طويلة أو بجرعات عالية (مثل: بعض أدوية الصرع).
تشخيص لين العظام

يتساءل البعض عن تحليل لين العظام، والحقيقة أن التشخيص يعتمد على مجموعة من العناصر المتكاملة والاختبارات التي يمكن إجراؤها لتحديد إذا ما كان الشخص مصابًا بلين العظام، ومن أهمها:
- فيتامين D: المؤشر الأكثر أهمية هو انخفاض مستويات فيتامين D في الدم، ولكن انخفاض مستويات الكالسيوم والفوسفات قد يشير أيضًا إلى لين العظام.
- الأشعة السينية (X-Rays): يمكن إجراء الأشعة السينية لمعرفة إذا ما كان هناك أي دليل على لين العظام.
- فحص كثافة العظام (Bone Mineral Density Scan): قد يكون هذا الفحص مفيدًا في تقييم كمية الكالسيوم والمعادن الأخرى الموجودة في العظام. وقد لا يكون هذا الفحص أساسيًا في التشخيص، إلا أنه يقدم معلومات مهمة عن صحة العظام.
- الخزعة العظمية (Bone Biopsy): وفيها تؤخذ عينة من نسيج العظام وتفحص. ونادرًا ما يحتاج الطبيب إلى هذا الإجراء.
علاج لين العظام
يجدر بالمرضى الذين يعانون لين العظام تناول المكملات الغذائية التي تحتوي على فيتامين D والكالسيوم والفوسفات، وذلك حسب نوعية ودرجة النقص الحادث لديهم. فعلى سبيل المثال، قد يحتاج الأشخاص المصابون بسوء الامتصاص (لا تستطيع أمعاؤهم امتصاص العناصر الغذائية أو الفيتامينات على نحو صحيح) إلى تناول كمية أكبر من فيتامين D أو الكالسيوم، أو أخذها عن طريق الحقن. وقد يتضمن علاج لين العظام ما يلي:
- التعرض الكافي (السليم) لأشعة الشمس.
- ارتداء الدعامات؛ للحد من تشوهات العظام أو منع حدوثها.
- في الحالات الحرجة، قد تستدعي الحاجة إجراء جراحة لتصحيح تشوهات العظام.
وقد يحتاج الأشخاص المصابون بأمراض معينة إلى إجراء اختبارات دم دورية؛ لمراقبة مستويات الكالسيوم والفوسفور في الدم.
ومع نهج علاجي سليم، تبدأ العظام في التماسك في فترة تتراوح بين بضعة أسابيع إلى بضعة أشهر، وتلتئم تمامًا في غضون ستة أشهر، وقد يستمر الشعور بالألم وضعف العضلات في أثناء عملية الشفاء.
لينُ العظام عند الأطفال

في حالة حدوث لينِ العظام عند الأطفال، يسمى بالكساح (Rickets). وهو من الأمراض الشائعة بين الأطفال، وينتشر في المجتمعات العربية على نحو ملحوظ. وينتج عنه ليونة في العظام وانحناءات وتشوهات عظمية، وقد يصاحبه قصر القامة؛ فيؤثر على النمو.
ولا يختلف الكساح عن لينِ العظام في الأسباب وطريقة الحدوث ونهج العلاج. ولكن تبدو الأعراض أكثر وضوحًا وتركيزًا في الأطفال عنها في الكبار. تظهر الأعراض خلال العامين الأولين من العمر، وتزداد حدتها مع تأخر العلاج. ومن أبرز هذه الأعراض:
- الرأس: تصبح عظام الجمجمة (القحف) رقيقة، ويتأخر إغلاق اليافوخ، وازدياد محيط الرأس، وبروز الجبهة، وتأخر أو عدم ظهور الأسنان أو تشوهها.
- الأطراف: زيادة عرض نهايات عظام الأطراف حول الرسغ والكاحل، مع وجود انحناءات في الأطراف السفلية تتضح في تقوس الساقين أو تلامس الركبتين، وتؤدي هذه التشوهات إلى قصر القامة.
- الصدر: تظهر نتوءات على شكل حبيبات المسبحة في منطقة اتصال الغضاريف بالعظام، وتبرز عظام الصدر إلى الأمام، مع وجود تقعر في الجزء السفلي من الظهر.
- العمود الفقري: قد يتعرض إلى انحناءات جانبية أو أمامية غير طبيعية.
- الحوض: يتأخر نموه، ويظهر به تشوهات عظمية مختلفة.
- العضلات: يتأخر التطور العضلي (الحركي) في الطفل، فيتأخر في الحبو (الزحف) والجلوس والوقوف والمشي. ويؤدي نقص الكالسيوم كذلك إلى تقلصات عضلية، وحالات تشنج عصبي متكررة.
أكلات لعلاج لينِ العظام
لا يوجد أطعمة معينة يمكن القول إنها تعالج مرضًا ما، ولكن تساعد التغذية الصحية السليمة في إمداد الجسم بما يحتاج إليه من العناصر الغذائية، التي تعمل بدورها على تحسين الحالة الصحية، والوقاية من العديد من الأمراض.
وإذا كنا بصدد الحديث عن لينِ العظام، فتركيزنا سينصب على مصادر الغذاء التي تحتوي على فيتامين D، الذي -حال الحفاظ على المستويات المطلوبة منه-، قد يسهم في تقليل خطر الإصابة بلينِ العظام على نحو ملحوظ، ومن هذه المصادر:
- الأسماك الدهنية، مثل: السلمون والتونة والسردين والماكريل.
- المحار.
- الحليب ومشتقاته.
- زيت كبد الحوت.
- صفار البيض.
- الفطر (Mushroom).

ومما ينصح به أيضًا من أجل الحفاظ على صحة العظام، وللوقاية من أمراضها:
- اتباع نظام غذائي غني بفيتامين D والكالسيوم.
- الحصول على الكمية الصحية والكافية من ضوء الشمس.
- التوقف عن التدخين.
- ممارسة الرياضة بانتظام.
- الحفاظ على وزن صحي.
- تناول المكملات الغذائية (فيتامين D والكالسيوم) إذا تطلب الأمر ذلك.
كلمة أخيرة، لينُ العظام هو مرض شائع، وغالبًا ما يكون النقص الحاد في مستويات فيتامين D هو السبب الكامن لحدوثه. وقد تؤدي الإصابة بلينِ العظام -في الأطفال والكبار على حد سواء- إلى العديد من المضاعفات الصحية شديدة الخطر، مثل: تشوهات العظام وتعرضها للكسور المتكررة.
ويعتمد النهج العلاجي على تناول كميات كافية من فيتامين D والكالسيوم، الضروريان للحفاظ على بنية العظام وزيادة صلابتها. وللوقاية من لينِ العظام، يجدر بنا الحرص على اتباع نظام غذائي غني بفيتامين D والكالسيوم، والتعرض الكافي لأشعة الشمس.