لطالما أحببت منذ صغري المبيت عند جدتي، فكانت تعد أشهى الأطعمة وتعلمني زراعة النباتات ذات الروائح العطرية الجميلة وتحدثني عن فوائد الأعشاب الطبيعية.
وعندما كنت أشعر بالإعياء أو المرض، فتحضّر تلك الخلطات السحرية من مكوناتٍ في خزانتها، ثم أشعر بعدها بالتحسن.
فكانت لديها خزانة كبيرة بمنزلها تحفظ فيها أوعية مليئةً بنباتات مجففة وبذورٍ كثيرة بألوان مختلفة.
وكانت تزرع أعشاباً خضراء صغيرة في شرفتها، وتقطف منها لتضعها على الطعام فتعطيه ألذ نكهة وأذكى رائحة.
وعندما سألتها عن هذه النباتات ولماذا تحتفظ بها وتزرعها؟ كانت تخبرني أنها أعشاب مفيدة ومعروفة من قديم الأزل وتستخدم في كل الأغراض وبدون أضرار لأنها طبيعية.
فهي تعطي نكهة ورائحة للطعام، ويمكن استخدامها في العطور، ولها فوائد طبية عديدة، وغيرها من فوائد الأعشاب الكثيرة التي سنتحدث عنها في هذه المقالة بالتفصيل.
ما هي فوائد الأعشاب الطبيعية (Herbs)؟
تطلق عادةً كلمة الأعشاب على الجزء الورقي من النبات، ولكن بعد انتشار استخدام أجزاء كثيرة من النباتات الطبيعية في مجالات عديدة، فأصبح يطلق مصطلح الأعشاب على أي جزء مفيد من هذه النباتات.
فهناك البذور مثل: الحبة السوداء والينسون وغيرهم، أو الجذور مثل الجنزبيل والكركم، وأيضاً لحاء الشجر مثل القرفة، والزهور كالبابونج.
ويمكن استخدامها طازجة وغير مجففة كما في أوراق الريحان والزعتر وإكليل الجبل.
واستخدمت هذه الأعشاب الطبيعية منذ قرون بعيدة منذ وقت القدماء المصريين وشعوب آسيا، في الطعام والشراب وأيضاً في الطب الشعبي، والمراسم الروحانية.
ثم تطورت الأبحاث العلمية في هذا المجال، وزادت الدراسات المعملية عن فوائد الأعشاب الطبيعية وكيفية الاستفادة منها بطريقة صحيحة.
ما هي الخصائص الطبية وفوائد الأعشاب للجسم؟
تحتوي معظم الأعشاب الطازجة على كميات كبيرة من الفيتامينات أ و ج و هـ ومضادات الأكسدة التي تنقي الدم وخلايا الجسم من المواد الضارة، وهناك فوائد عديدة أيضاً للأجزاء المجففة من هذه النباتات.

وسنتناول الفوائد الطبية لبعض أنواع الأعشاب الهامة والشائع استخدامها، مثل:
الزعتر(Thyme):
وهو من النباتات البرية التي لها خصائص مضادة للبكتيريا والفطريات، ومن المطهرات القوية للمعدة.
ويستخدم الزعتر في بعض أدوية السعال كمكمل غذائي لتطهير الجهاز التنفسي.
يمكن استخدام أوراقه طازجةً، أو شرب منقوع الأوراق المجففة دافئاً لتحسين وظائف الجهاز الهضمي.
الزنجبيل (Ginger):
تعد جذور الزنجبيل مضاداً قوياً للأكسدة والالتهابات وتستخدم طازجةً أو على شكل بودرة بعد تجفيفها.
وهو فعال ضد الغثيان والقيء وآمن للحوامل اللاتي يعانين هذه الأعراض.
ويساعد أيضاً على رفع معدل الأيض للجسم فيستخدم في إنقاص الوزن والتدفئة في الشتاء.
البابونج (Camomile):
تستخدم زهور البابونج بكثرة في أغلب المنازل كنوع من المشروبات المهدئة للمعدة، وأيضاً لمعالجة الأرق واضطرابات النوم.
وهو أيضاً مفيد لصحة القلب حيث يحتوي على مركبات الفلافونويد التي تساعد على خفض مستوى الكوليسترول وضغط الدم.
النعناع (Mint) وفوائد الأعشاب:
من أشهر النباتات العطرية وأكثرها استخداماً في علاج تقلصات الأمعاء؛ لاحتوائه على مادة المنتول التي تعمل كباسط للعضلات الملساء ومسكن للألم.
ويتميز أيضاً برائحته الذكية التي أدخلته في صناعة الكثير من منتجات الفم والأسنان مثل: غرغرة الفم ومعجون الأسنان وغيرهما؛ لأنها تتخلص من الروائح الكريهة بالفم، إلى جانب خصائصه المضادة للبكتيريا.
عند شرب كوب من مغلي أوراق النعناع الطازجة أو المجففة، سيعطيك شعوراً بالراحة فهو مثالي قبل النوم للاسترخاء. وهو خالٍ من السعرات الحرارية فيعد مشروباً مثالياً في أنظمة الريجيم وإنقاص الوزن.
الكركم (Turmeric):
يُطلق عليه البهار الذهبي نسبةً إلى لونه الأصفر الداكن المميز؛ ولذا يستخدم كلون طبيعي للأطعمة المختلفة.
ويستخدم في المطبخ الآسيوي وخاصةً الهندي، مع مسحوق الكاري في كثير من الأطباق مثل: الأرز والدجاج وأيضاً يضاف إلى الزبد والأجبان ليعطيهم لوناً أصفرَ خاصاً.
الجزء المستخدم منه هو الجذور، تجفف ويصنع منها مسحوقاً أصفر اللون للاستخدام في الطعام أو يُغلى مع الماء أو الحليب ليعطي مشروباً مقوياً للمناعة.
يحتوي الكركم على الكثير من فوائد الأعشاب الطبية، من أهمها:
- علاج التهابات المفاصل.
- يعالج التهابات الجلد ويساعد على التئام الجروح.
- تقوية اللثة وتبييض الأسنان.
- مدر للصفراء، وبه عناصر مهمة لصحة الكبد والمرارة.
- علاج مشاكل الهضم من انتفاخات ومغص وغيرهما.
- مفيد في علاج بعض مشاكل الجهاز التنفسي مثل الربو.
الحلبة (Fenugreek):
بذور الحلبة الصفراء من البقوليات التي تتميز بقيمتها الغذائية العالية؛ لاحتوائها على بروتينات ودهون وحديد وألياف وكربوهيدرات.
استخدمها آباءنا وأجدادنا كثيراً منذ القدم؛ لمعرفتهم بقيمة وفوائد الأعشاب للجسم.
فالحلبة تساهم في:
- علاج فقر الدم والأنيميا لزيادة نسبة الحديد بها.
- تساعد على تحسين مستوى السكر بالدم.
- زيادة إدرار اللبن من ثدي الأم المرضعة.
- تخفيف الألم والالتهابات لوجود نسبة من مركبات الالكالويد والفلافونويد.ة
العرقسوس (Licorice):
من النباتات المعمرة الموجودة في أماكن كثيرة من العالم خاصةً الشرق الأوسط مثل: مصر وسوريا.
وتستخرج المادة الفعالة من الجذور لاستخدامها في الحلويات؛ لأن طعمه أكثر حلاوةً من السكر، فيوضع كمكسّب طعم في المشروبات الغازية وحلوى الأطفال وغيرها.
ويستخدم أيضاً في بعض المكملات الغذائية لتحسين بعض الحالات المرضية مثل:
- مشاكل الهضم وبعض قرحات المعدة.
- التهابات الحلق وبعض أعراض الجهاز التنفسي، ويدخل في إنتاج أقراص الاستحلاب أو غرغرة الفم.
- التهابات الجلد للاستخدام الموضعي على البشرة.
*يجب استخدام العرقسوس بحذر؛ لأن تناول كميات كبيرة منه ولفترات طويلة يمكن أن تؤدي إلى أعراض خطيرة مثل: ارتفاع ضغط الدم إذ أنه يعمل على احتباس السوائل في الجسم، وأيضاً يزيد نسبة البوتاسيوم في الدم.
أضرار الأعشاب الطبيعية:
تعرفنا مقدماً على فوائد الأعشاب الشائع استخدامها في المنزل أو في المجال الطبي.
فهي نباتات طبيعية سهلة الزراعة والاستخدام بطرق مختلفة، فمنها ما يؤكل طازجاً، ومنها ما تُنقع أجزاءه المفيدة أو تُغلى لصنع مشروب صحي ومفيد، ومنها ما يستخدم مُجففاً أو مسحوقاً.
ومنها ما يدخل في صناعة الكبسولات الدوائية، أو الكريمات الموضعية، أو منتجات صحة الأسنان والفم.
وهي تفيد في كثير من الحالات المرضية كمكملات علاجية، سواءً للبشرة أو للهضم، أو مضادات للبكتيريا والفيروسات، بالإضافة إلى أنها مصدر غني بالفيتامينات الهامة لصحة الجسم ومناعته.
*ولكن الاستخدام المفرط والعشوائي لهذه النباتات، وبدون علمٍ بمكوناتها وجرعاتها، وعدم إخبار الطبيب بتناول أدوية معينة في نفس الوقت معها، قد يؤدي إلى أضرار جانبية خطيرة.
حيث يمكن أن تتفاعل مكونات هذه النباتات الطبيعية مع بعضها البعض، أو مع مكونات أدوية أخرى يتناولها الشخص وتسبب له أعراضاً خطيرة، وأيضاً قد تُزيد سُمية دواء بعينه أو تقلل فاعليته.

فهناك عوامل يجب مراعاتها عند استخدام هذه النباتات لتجنب أضرارها، والانتفاع بفوائدها المميزة:
- معرفة مصادر هذه الأعشاب وطرق تخزينها؛ للتأكد من عدم تلوثها بالمبيدات الحشرية أو ريها بماءٍ ملوث.
- عدم شراء أو تناول أي منتج يحتوي على أيٍ من هذه النباتات إلا بعد التأكد من ترخيص الجهات الصحية ببلدك.
- التعرف على مكونات المنتج العشبي وفعاليته وموانع استعماله.
- استشارة الطبيب عند تناول الكثير من الأدوية والمكملات الغذائية معاً لتجنب حدوث تفاعلات خطيرة.
- عدم تناول هذه المنتجات العشبية بناءً على توصيات أحد أو الاعتماد على التجارب الفردية.
- الرجوع إلى الطبيب أو الصيدلي في حال ظهور أعراض جانبية.
- توخي الحذر عند تناول هذه الأعشاب وعدم الإفراط في استخدامها بدون استشارة طبيب.
ولذلك وجب علينا البحث وجمع المعلومات الدقيقة من المصادر الموثوقة عن فوائد الأعشاب وأضرارها قبل الاستخدام.
وتحدث مع طبيبك قبل البدء في تناول أي علاج تكميلي، عن الجرعات وطرق الاستخدام والأدوية التي تتناولها حالياً؛ حتى تتخذ القرار الصحيح والآمن لصحتك.
المصادر